أخرجه ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (٧٤٨ - الجزء المفقود).
قلت: هشيم بن بشير: ثقة ثبت، أثبت الناس في حصين، وأصحهم عنه حديثا، وقد صرح بالسماع من حصين، وحديثه هذا أشبه بالصواب، وهو موقوف بإسناد ضعيف؛ لإبهام تابعيه، والله أعلم.
قال عبد الرحمن بن مهدي:«أعلم الناس بحديث حصين قديمها وحديثها: هشيم»، وقال أيضا:«هشيم أعلم الناس بحديث سيار ومنصور ويونس وحصين»، وقال أيضا:«كان هشيم أحفظ للحديث من سفيان الثوري».
وقال أحمد بن حنبل:«ليس أحد أصح سماعا من حصين بن عبد الرحمن: من هشيم، وهو أصح من سفيان» [الجرح والتعديل (٩/ ١١٥)، الكامل (١/ ١٨٢)، تاريخ بغداد (١٦/ ١٣٠)، السير (٨/ ٢٨٧)، تاريخ الإسلام (٤/ ٩٩٢ - ط الغرب)، التهذيب (١/ ٤٤٢)].
قلت: قد أكثر الشيخان من ترجمة أبي حازم سلمان الأشجعي عن أبي هريرة. [انظر: التحفة (١٣٣٩٣ - ١٣٤٥٨)]، ولو كان هذا الحديث محفوظا من حديث أبي حازم عن أبي هريرة مرفوعا؛ لطارت به الركبان، ولاشتهر شهرة لا تدانيها شهرة حديث أبي بكر بن عياش، عن أبي حصين، عن سالم بن أبي الجعد، عن أبي هريرة مرفوعا، والذي أخرجه النسائي وابن ماجه وابن حبان، وابن الجارود، وأحمد، وابن أبي شيبة، والبزار، وأبو يعلى، وابن جرير، والطحاوي، والدارقطني، وأبو نعيم، والبيهقي، وغيرهم، وكذلك فإنه لم يشتهر شهرة حديث سفيان بن عيينة، عن منصور، عن أبي حازم، عن أبي هريرة مرفوعا، والذي أخرجه سعدان، والبزار، وأبو يعلى، وابن جرير، وابن خزيمة، والحاكم، والبيهقي، وغيرهم.
ولما خفي مثله على أكثر النقاد الذين تكلموا في هذا الحديث؛ مما يجعل النفس لا تطمئن إلى ثبوته، ولذا فإن حديث هشيم الموقوف بإسناد فيه مبهم هو: الأشبه بالصواب.
والحاصل: فلا يثبت هذا من حديث أبي حازم عن أبي هريرة مرفوعا، والله أعلم.
وأما حديث أبي بكر بن عياش فإنه لم يحفظه أيضا؛ إنما المحفوظ فيه عن سالم: ما رواه أثبت الناس وأحفظهم: سفيان الثوري، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد مرسلا.
وهو محفوظ أيضا من حديث هشيم عن حصين، عمن حدثه، عن أبي هريرة موقوفا عليه قوله.
وكلاهما لا يثبت: فالأول من مرسل سالم بن أبي جعد، والآخر موقوف على أبي هريرة بإسناد ضعيف؛ لإبهام تابعيه، ولكنهما في الجملة من شواهد حديث عبد الله بن عمرو، والله أعلم.
• وقد سئل الدارقطني في العلل (١١/ ١٨٤/ ٢٢٠٩)(٥/ ٣٨٣/ ٢٢٠٩ - ط الريان)، عن حديث أبي حازم، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: «لا يحل الصدقة لغني، ولا ذي مرة سوي»، فقال: «يرويه منصور بن المعتمر، واختلف عنه؛