للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قلت: وهذا الإسناد صالح في المتابعات، زهير بن الأصبغ العامري: سمع عبد الله بن عمرو، روى عنه ابنه عطاء، وذكره ابن حبان في الثقات، وله أحاديث مستقيمة عن عبد الله بن عمرو [التاريخ الكبير (٣/ ٤٢٨)، الجرح والتعديل (٣/ ٥٨٧)، الثقات (٤/ ٢٦٤)، الثقات لابن قطلوبغا (٤/ ٣٣٧)].

وعطاء بن زهير بن الأصبغ العامري: مجهول، روى عنه: الأخضر وشميط ابنا عجلان، وذكره ابن حبان في الثقات [العلل ومعرفة الرجال (٣/ ١١١/ ٤٤٥٠)، التاريخ الكبير (٦/ ٤٦٨) (٧/ ٥٦٧/ ٨٩٦٧ - ط الناشر المتميز)، الجرح والتعديل (٦/ ٣٣٢)، الثقات (٥/ ٢٠٥)، الثقات لابن قطلوبغا (٧/ ١٣٦)] [ولم يترجم له في التهذيب مع كون أبي داود علق له].

فإن قيل: لكنه موقوف، فيقال: مثله لا يقال من قبل الرأي في الحل والحرمة، وأحكام الصدقات والحلال والحرام إنما مرجعها للنبي ، والذي يرجع إليه أمر التشريع والإخبار بأحكام الدين؛ ثم إن الحديث ثابت مرفوع من وجه آخر عن عبد الله بن عمرو، فيما رواه ريحان بن يزيد العامري، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله : «لا تحل الصدقة لغني، ولا لذي مرة سوي».

ثم إن في القصة محاورة واستدلال بين عبد الله بن عمرو، وبين زهير بن الأصبغ العامري، فكان من كلام ابن عمرو: شر مال، إنما هي للعميان والعرجان والمنقطع بهم، ثم قوله: للعاملين عليها بقدر عمالتهم، وللمجاهدين في سبيل الله ما أحل لهم، وكلاهما مستنبط من أدلة الشرع من كتاب وسنة، وأما موضع الاستدلال بكلام الشرع: فإنما هو قوله: «إن الصدقة لا تحل لغني، ولا لذي مرة سوي»، والحل والحرمة إنما هو إخبار عن صاحب الشرع، وليس كلاماً مبتدأ من قبل عبد الله بن عمرو؛ فظهر بذلك المراد، وأن هذا وإن موقوفاً في الظاهر لكن له حكم الرفع، لا سيما وقد ثبت رفعه من وجه آخر عن عبد الله بن عمرو، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل [وللعلامة أحمد شاكر - رحمه الله تعالى - بحث ماتع في هذا الحديث، راجع: تخريجه لمسند أحمد (٦/ ٩٦)].

إذا رأيت ذلك وتبين لك طرق الحديث، وأنه مروي من طريق: شميط والأخضر ابني عجلان، عن عطاء بن زهير العامري، عن أبيه، قال: قلت لعبد الله بن عمرو: ما تقول في الصدقة، … الحديث؛ علمت ما في قول أبي داود: وقال عطاء بن زهير: أنه لقي عبد الله بن عمرو، فقال: «إن الصدقة لا تحل لقوي، ولا لذي مِرَّة سوي» اهـ، وأنه قد سقط من إسناده عن أبيه؛ يعني: زهير بن الأصبغ؛ إذ هو الذي لقي عبد الله بن عمرو، كما أن لفظ الحديث في جميع الطرق التي وقفت عليها: «إن الصدقة لا تحل لغني، ولا لذي مرة سوى»، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>