قال البخاري في التاريخ الكبير (٣/ ٣٢٩): «قال حجاج: حدثنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، سمع ريحاناً، وكان أعرابي صدق، سمع عبد الله بن عمرو، عن النبي ﷺ: «لا تحل الصدقة لغني». وروى إبراهيم بن سعد، عن أبيه، ولم يرفعه.
وقال أبو نعيم: حدثنا سفيان، عن سعد، عن ريحان بن يزيد العامري، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي ﷺ.
قلت: فكأن البخاري رجح الرفع، لا سيما وقد تتابع على رفعه أميرا المؤمنين في الحديث؛ الثوري وشعبة.
قال البيهقي في المعرفة (٩/ ٣٢٥) بعد رواية الثوري المرفوعة: «وتابعه شعبة عن سعد في رفعه، وقيل عن كل واحد منهما: «ولا لذي مرة سوي»، وقيل:«ولا لذي مرة قوي». والمرة القوة، وأصلها: من شدة فتل الحبل» [وانظر المعنى في: المعالم (٢/ ٦٣)].
وقال بصحته ابن عبد البر في التمهيد (٤/ ١٠٩).
• خالفهم فلم يضبط إسناده: وهب بن جرير [ثقة]، قال: ثنا شعبة، عن سعد، عن رجل من بني عامر، عن عبد الله بن عمرو، يقول ذلك.
أخرجه الطحاوي (٢/١٤).
والمحفوظ: رواية جماعة الثقات عن شعبة.
قلت: وريحان بن يزيد العامري: سمع عبد الله بن عمرو، ووثقه ابن معين، وقال الراوي عنه سعد بن إبراهيم:«كان أعرابياً صدوقاً»، وذكره ابن حبان في الثقات، ولم يرو عنه سوى سعد بن إبراهيم، ولا يُعرف بغير هذا الحديث، وحسن له الترمذي والبغوي هذا الحديث، وانتقاه ابن الجارود، وصححه ابن عبد البر، وأما قول أبي حاتم عنه:«شيخ مجهول»؛ فهو كما قال، ولا يطعن ذلك في صحة حديثه، لما سبق بيانه مراراً في شأن حديث المجهول، وقلنا بأنه إذا روى حديثاً مستقيماً فإنه يقبل منه، ويعد حديثاً صحيحاً، ولا يلزم من وصف الجهالة القدح في ضبط الراوي، لا سيما وقد وثقه سعد بن إبراهيم وابن معين، والإمام الناقد ابن معين لما رأى استقامة حديثه الذي رواه عن ابن عمرو؛ وثقه، وهذا التوثيق من ابن معين هو تصحيح ضمني لحديثه الواحد، الذي لا يُعرف إلا به [راجع أقرب موضع تكلمت فيه عن قبول حديث المجهول ورده: عند الحديث السابق برقم (١٦٣٢)] [تاريخ ابن معين رواية الدارمي (٣٢٥)، التاريخ الكبير (٣/ ٣٢٩)، المنفردات والوحدان لمسلم (٢٩١)، المعرفة والتاريخ (١/ ٥٦٧)، الجرح والتعديل (٣/ ٥١٧)، الثقات (٤/ ٢٤١)، بيان الوهم (٥/ ٣٧٢/ ٢٥٤٢)، المغني (٢١٥٣)، وقال:«مجهول، ووثقه ابن معين». الميزان (٢/ ٦٢)، وقال:«مجهول، وأما ابن معين فوثقه». إكمال مغلطاي (٥/١٧)، التهذيب (١/ ٦١٨)].
• والحاصل: فإن تتابع الثوري وشعبة على رفع الحديث، لا سيما وقد اختلف على إبراهيم بن سعد في رفعه ووقفه، لمما يرجح المرفوع، ويثبته.