للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وهذا مرسل، والصواب: ما رواه جماعة الثقات الحفاظ متصلا مسندا، والله أعلم.

والخلاصة: فإن حديث عبيد الله بن عدي بن الخيار: حديث جيد، يحتج به في هذا الباب، والله أعلم.

* قال الشافعي: «رأى رسول الله صحة وجلدا، يشبه الاكتساب، فأعلمهما أنه لا يصلح لهما مع الاكتساب الذي يستغنيان به أن يأخذا، ولا يعلم أمكتسبين أم لا؟ فقال: إن شئتما بعد إذ علمتما أن لا حظ فيها لغني، ولا مكتسب فعلت، وذلك أنهما يقولان: أعطنا فإنا ذوا حظ، بأنا لسنا غنيين، ولا مكتسبين كسبا يغني».

وقال الطحاوي في أحكام القرآن (١/ ٣٦٣): «وكذلك قوله في حديث عبيد الله بن عدي: «ولا حق فيها لقوي مكتسب» على معنى: ولا حق له فيها كحق الزمن الذي لا يستطيع الاكتساب»؛ إلى أن قال: «فعقلنا بذلك أن قوله لهما: «ولا حق فيها لقوي مكتسب»، ليس على حرمتها على القوي المكتسب إذا كان فقيرا».

وقال في المشكل: «ثم تأملنا قوله: «ولا لقوي مكتسب»، فوجدنا الصدقة قد تحل للفقير القوي، وكان معنى قوله: «ولا حق فيها لقوي مكتسب» يريد : الحق الذي هو أعلى مراتب الحقوق بالصدقة التي يستحق بها، وليس هو القوة ولا الجلد الذي يستغنى به عنها، كما تغلط العرب الشيء من هذا الجنس، فتقول: فلان عالم حقا، إذا كان في أعلى مراتب العلم، ولا تقوله لمن هو في دون أعلى مراتبه وإن كان عالما».

وقال البغوي في شرح السنة (٦/ ٨١): «فيه دليل على أن القوي المكتسب الذي يغنيه كسبه لا يحل له الزكاة، ولم يعتبر النبي ظاهر القوة دون أن يضم إليه الكسب، لأن الرجل قد يكون ظاهر القوة غير أنه أحرق لا كسب له، فتحل له الزكاة، وإذا رأى الإمام السائل جلدا قويا شك في أمره وأنذره، وأخبره بالأمر كما فعل النبي ، فإن زعم أنه لا كسب له، أو له عيال لا يقوم كسبه بكفايتهم، قبل منه وأعطاه». وحاصل ذلك: أن القوي المكتسب لا حق له في الصدقة؛ إلا إذا كان كسبه لا يكفيه، ولا يكفي عياله، على ما سيأتي تقريره في مسألة من يستحق أن يأخذ من الزكاة، وأن الصحيح في هذه المسألة ليس مقدرا بحد من الدراهم، وإنما هو باعتبار الكفاية، فإن كان قويا مكتسبا لكن لا يكفيه كسبه حل له الأخذ من الصدقة، والله أعلم.

ونحن نفرق بين ما تحل به المسألة، وبين ما يحل به الأخذ من الصدقة، فمن كان له ما يغنيه، كمن كان له أربعون درهما، أو كان عنده ما يسد جوعته من غداء وعشاء على الدوام؛ فلا تحل له المسألة، وأما إذا جاءته الصدقة من غير مسألة منه، حل له أخذها طالما لم يكن له ما يكفيه، وضابط المسألة حديث قبيصة بن المخارق في السداد والقوام، والشاهد منه: «فحلت له المسألة، فسأل حتى يصيب قواما من عيش» أو: «سدادا من عيش، ثم يمسك» [أخرجه مسلم، ويأتي برقم (١٦٤٠)]، فمن كان فقيرا لا يملك قوتا حلت له المسألة، حتى يصيب حد الكفاية، ثم يمسك عن المسألة، فبان بذلك أن المعنى

<<  <  ج: ص:  >  >>