والزهري كان يروي عنه بواسطة، وقال ابن حبان في الصحابة:«ولد في زمان رسول الله ﷺ»، وأعاد ذكره في ثقات التابعين، وقال في المشاهير:«من قدماء التابعين، ممن أدرك الجاهلية»، وقال أبو نعيم:«ذكر في الصحابة، ولا يثبت، ويقال: إنه أدرك النبي ﷺ»، وقال ابن عبد البر:«ولد على عهد النبي ﷺ»، وكذا قال أبو القاسم البغوي وابن ماكولا، وقال ابن منده وابن عساكر:«أدرك النبي ﷺ»، وذكره ابن منده فيمن له صحبة ولا يثبت، وذكره جماعة في الطبقة الأولى من تابعي أهل المدينة، والحاصل: فإن هذه النقول والقرائن تدل على أنه كان من كبار التابعين، لكنه كان مُقِلاً في الحديث [طبقات ابن سعد (٥/٤٩)، التاريخ الكبير (٥/ ٣٩١)، ثقات العجلي (١١٦٥)، التاريخ الكبير لابن أبي خيثمة (٢/ ٧٩/ ١٨١٢ - السفر الثالث)، الجرح والتعديل (٥/ ٣٢٩)، الثقات (٣/ ٢٤٨) و (٥/ ٦٤)، مشاهير علماء الأمصار (٥٩٨)، معرفة الصحابة لأبي نعيم (٤/ ١٨٧٥)، الاستيعاب (٣/ ١٠١٠)، تاريخ دمشق (٣٨/٤٥)، السير (٣/ ٥١٤)، إكمال مغلطاي (٩/٥٠)، تحفة التحصيل (٢١٨)، الإصابة (٤/ ٣٩٠) و (٥/٤٠)، النكت على كتاب ابن الصلاح (٢/ ٥٤٠)، التهذيب (٣/٢١)].
والحاصل: أن مثله لا يروي في العادة إلا عن الصحابة، بل يروي عن كبار الصحابة، ويروي عنه أواسط التابعين.
فإذا اقترن بذلك أنه قد سمع هذا الحديث من رجلين من قومه، فقال: حدثني رجلان من قومي؛ أنهما أتيا النبي ﷺ؛ فكأنه قد أقر لهما بالصحبة؛ لمعرفته بحالهما.
ولذلك قال الطحاوي في المشكل:«تأملنا هذا الحديث في إسناده، فوجدنا فيه عن رجلين من قوم عبيد الله بن عدي لم يسمهما، فيعلم بذلك أنهما من أصحاب رسول الله ﷺ، فيجب قبول ما رويا».
وبهذا يكون قد اجتمع في هذا الحديث الشرطان المطلوبان لتصحيح حديث المبهم من الصحابة، حيث صرح عبيد الله بسماعه من المبهم، وأقر له بالصحبة، وعليه يحمل تصحيح من صحح هذا الحديث، لا سيما وقد جوده الإمام أحمد وحسن إسناده، والله أعلم.
قلت: وقد سبق تقرير هذه المسألة المتعلقة بإبهام الصحابي، وأن جهالة الصحابي لا تضر؛ لكن بشرط سماع التابعي من الصحابي، وبشرط أن يشهد التابعي له بالصحبة، أو بالرؤية، أو بالسماع، راجع: فضل الرحيم الودود (٩/ ٩٦/ ٨١٦)، وحديث عطاء بن يسار عن رجل من بني أسد، المتقدم قريباً برقم (١٦٢٧).
* وهذا الحديث قد قصر به معمر بن راشد، فرواه عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبيد الله بن عدي بن الخيار، قال: كان النبي ﷺ يقسم يوم الفتح، فجاءه رجلان فسألاه، … فذكر الحديث بنحوه.