(٥/ ٢٩٨)] [وهو حديث موضوع، تفرد به من حديث مالك: محمد بن عبد الرحمن بن بحير أبو بكر الكلاعي، وهو متروك الحديث، كذبه الخطيب وغيره، وقال ابن عدي:«روى عن الثقات المناكير، وعن أبيه عن مالك البواطيل». الكامل (٦/ ٢٨٨)، اللسان (٧/ ٢٨٠)]
• قال ابن زنجويه في الأموال (٢١١٤): «أحسن ما سمعنا في التفريق بين الفقير والمسكين: أن المسكين هو المتعفف الذي يتشبه بالأغنياء في إنقاء نفسه وثيابه، ولا يسأل الناس إلحافاً، ويكون له النشب من المال لا يقيمه كالدار يسكنها، والدابة يركبها، والخادم يخدمه، والضيعة لا تقيمه غلتها، ولا يكون له من المال ما يجب فيه الزكاة، فهو يتشبه بالأغنياء وليس منهم، والفقير: الظاهر الفقر، الذي لا شيء له مما ذكرنا، سأل الناس أو لم يسألهم، وأن الصدقة على المسكين أفضل من الصدقة على الفقير، لأنه قد أمر بالتعفف والتجمل، وهو يتعفف ويتجمل، ونهي عن المسألة وإظهار المسكنة، وهو لا يسأل ولا يتمسكن، ولأن الذي يعرف بالحاجة قد يعطى وإن لم يسأل، وهذا لا يكاد يعطى شيئاً لتجمله وغفلة الناس عن حاجته، وقد يجوز أن يسمى المسكين فقيراً، والفقير مسكيناً، ألا ترى أن رسول الله ﷺ قال: ليس المسكين بالطواف عليكم الذي ترده اللقمة واللقمتان، إنما المسكين الذي يتعفف، يريد أن المسكين كل المسكين ليس بالطواف على الأبواب، وإن كنتم تسمونه مسكيناً، إنما المسكين حقاً هو الذي يتعفف، واقرؤوا هذه الآية: ﴿لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ إلى قوله: ﴿لَا يَسْتَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً﴾ فسماه الله في هذه الآية فقيراً، وسماه رسول الله ﷺ مسكيناً، لما أعلمتك، وقد ذكر الله جل ثناؤه المساكين في كفارة الظهار، وكفارة اليمين، وكفارة الصيام، وجزاء الصيد، ولم يذكر الفقراء معهم في شيء من ذلك، وأجمع أهل العلم على أصحاب هذه الكفارات إذا وضعوها في أهل الحاجة من المسلمين أجزأ ذلك عنهم، ولم يفرقوا في شيء من ذلك بين الفقراء والمساكين، فالمسكين فقير، والفقير مسكين، والتفريق بينهما ما أعلمتك».
وقال ابن جرير في تفسيره:«ومعنى قوله ﷺ: إنما المسكين المتعفف» على نحو ما قد جرى به استعمال الناس من تسميتهم أهل الفقر مساكين، لا على تفصيل المسكين من الفقير، ومما ينبئ عن أن ذلك كذلك، انتزاعه ﷺ لقول الله: «اقرؤوا إن شئتم: ﴿لَا يَسْتَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً﴾، وذلك في صفة من ابتدأ الله ذكره ووصفه بالفقر، فقال: ﴿لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَهُمْ لَا يَسْتَلُونَ النَّاسَ الْحَافاً﴾ [البقرة: ٢٧٣].
وقال الطحاوي في شرح المعاني (١/٢٧): فلم يرد بذلك أنه ليس بمسكين خارج من حد المسكنة كلها حتى تحرم عليه الصدقة، وإنما أراد بذلك: أنه ليس بالمسكين