وأما حبان بن عليّ العنزي: فهو ضعيف.
فلم يبق عندنا سوى ثلاثة طرق لهذا الحديث عن الأعمش: طريق أبي بكر بن عياش، وطريق جرير بن عبد الحميد، وطريق عبد الله بن بشر، وهو أقلهم صحبة ورواية وضبطاً عن الأعمش، ولأبي بكر بن عياش أغلاط عن الأعمش، وكان يهم إذا حدث من حفظه، وجرير هو أثبتهم في الأعمش؛ لا سيما وقد خالف فيه الجادة والطريق السهل: فروَاه عن الأعمش، عن عطية، عن أبي سعيد.
ولم يقل فيه: عن أبي صالح، ولا عن أبي سفيان، وهما جادتان يسبق إليهما اللسان، ثم إنه توبع على ذلك، تابعه: شريك، وزياد البكائي.
قلت: وجرير بن عبد الحميد أثبت في الأعمش وأكثر عنه رواية من أبي بكر بن عياش، ومن عبد الله بن بشر، وقد أخرج الشيخان لجرير عن الأعمش أحاديث كثيرة تقرب من مائة وخمسين حديثاً، وعلى هذا: فإن رواية جرير أشبه بالصواب، والله أعلم.
فإن قيل: كيف تخالف أبا حاتم والدارقطني ولم يقضيا فيه بشيء؟
فيقال: قد قضى فيه إمام علم العلل؛ قال علي بن المديني: «وروى هذا الحديث: أبو بكر بن عياش فيما حدثوا عنه، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد، وحديث جرير عندي: هو الحديث» [الشعب (٨٧٠٧)].
ثم قال ابن المديني: «وإنما أنكره من حديث أبي صالح، لأنه قد روي عن عطية شيئاً يصير إلى بعض هذا الحديث».
قال علي: نا عبيد الله بن موسى: نا ابن أبي ليلى، عن عطية، عن أبي سعيد، عن النبي ﷺ قال: «لا يشكر الله من لا يشكر الناس». [الشعب (٨٧٠٩)].
• وعلى هذا: فالصواب في هذا الحديث:
ما رواه جرير بن عبد الحميد [كوفي ثقة، من أصحاب الأعمش المكثرين عنه]، وشريك بن عبد الله النخعي [صدوق، ساء حفظه، وعنه: إسحاق بن يوسف الأزرق، وهو: ثقة، قديم السماع من شريك]، وزياد بن عبد الله البكائي [ثقة ثبت في مغازي ابن إسحاق، وفي غيره فيه لين]:
عن الأعمش، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري، قال: دخل رجلان على رسول الله ﷺ فسألاه في ثمن بعير، فأعانهما بدينارين، فخرجا من عنده فلقيهما عمر، فقالا، وأثنيا معروفاً، وشكرا ما صنع بهما رسول الله ﷺ، فدخل عمر على النبي ﷺ فأخبره بما قالا، فقال النبي ﷺ: «لكن فلاناً أعطيته ما بين العشرة إلى المائة فلم يقل ذلك، إن أحدهم يسألني فينطلق بمسألته متأبطها، وما هي إلا نار»، فقال عمر: تعطينا ما هو نار؟ قال: «يأبون إلا أن يسألوني، ويأبى الله لي البخل».
وهذا إسناد ضعيف؛ لأجل عطية بن سعد العوفي، وهو ضعيف الحفظ. [انظر: التهذيب (٣/ ١١٤)، الميزان (٣/ ٧٩)].