قلت: ليس هذا من حديث الثوري، ولا يعرف إلا من طريق حفص بن عبد الرحمن بن عمر بن فروخ أبي عمر البلخي الفقيه النيسابوري، وهو: صدوق، تكلم في حفظه، وليس من أصحاب الثوري المعروفين، ولا من أهل بلده. [انظر: التهذيب (١/ ٤٥٢)].
يؤكد ذلك: أن هذا الحديث قد اشتهر من حديث أبي بكر بن عياش، ومن حديث جرير بن عبد الحميد، ومن حديث شريك، ومن حديث معمر بن سليمان الرقي، فكيف لا يعرف من حديث الثوري إلا من طريق أحد الغرباء المتكلم فيهم، والله أعلم.
ثم إن الذين ذكروا الاختلاف فيه عن الأعمش، لم يذكروا فيه حديث الثوري، فلم يذكره ابن المديني، ولا ابن أبي حاتم، ولا ابن صاعد، ولا الدارقطني؛ فكيف يخفى مثله على جميعهم؟، مع كون ابن صاعد والدارقطني ذكرا أحاديث الضعفاء عن الأعمش، وقد استغربه أبو نعيم نفسه، والله أعلم.
٩ - حديث جابر عن عمر:
ورواه نهار بن عثمان [صدوق. الجرح والتعديل (٨/ ٥٠١)، سؤالات البرقاني (٥٢٥)، تاريخ الإسلام (٥/ ١٢٦٧ - ط الغرب)]، وداود بن رشيد [نزيل بغداد، ثقة، مشهور بالرواية عن معمر بن سليمان الرقي]، وأيوب بن محمد بن زياد الوزان الرقي [ثقة، مشهور بالرواية عن معمر بن سليمان الرقي]، ومحمد بن فضيل [المروزي، معروف بالرواية عن معمر بن سليمان الرقي، ويحتمل أن يكون: محمد بن الفضل البرزي المروزي، وقد وثق. الأنساب (١/ ٣٢٠)]:
حدثنا معمر بن سليمان [الرقي: ثقة]، عن عبد الله بن بشر، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، عن عمر قال: دخل رجلان على رسول الله ﷺ فأمر لهما بدينارين، فخرجا من عنده فلقيا عمر، فأثنيا وقالا معروفا، وشكرا ما صنع بهما رسول الله ﷺ، فدخلت على رسول الله ﷺ فأخبرته بما قالا، فقال رسول الله ﷺ:«لكن فلان أعطيته ما بين العشرة إلى المائة فلم يقل ذلك، إن أحدهم ليسألني فينطلق بمسألته إلى النار».
قالوا: فلم تعطنا ما هو نار؟ فقال:«يأبون إلا أن يسألوني، ويأبى الله لي البخل».
وفي رواية داود [عند الحاكم]: دخل رجلان على رسول الله ﷺ فسألاه في شيء، فدعا لهما بدينارين، فإذا هما يثنيان خيرا، فقال رسول الله ﷺ:«لكن فلان ما يقول ذلك، ولقد أعطيته ما بين عشرة إلى مائة فما يقول ذلك، فإن أحدكم ليخرج بصدقة من عندي متأبطها وإنما هي له نار، فقلت: يا رسول الله كيف تعطيه، وقد علمت أنه له نار؟ قال: فما أصنع؟ يأبون إلا أن يسألوني ويأبى الله لي البخل».
أخرجه البزار (١/ ٢٣٥/ ٣٥٢)، وأبو يعلى في المسند الكبير (١/ ٢١٩/ ٤٩٤ - المقصد العلي)(١/ ٣٨٥/ ٢٤٤ - مسند الفاروق)، وأبو علي الرفاء في فوائده (٢٥٩)، والحاكم (١/٤٦)(١/ ١١٤/ ١٤٥ - ط الميمان)(١/ ١٤٥/ ٢٦٤ - ط المنهاج القويم)،