للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقال بعضهم: إنما هو فيمن وجد غداء وعشاء على دائم الأوقات، فإذا كان عنده ما يكفيه لقوته المدة الطويلة فقد حرمت عليه المسألة.

وقال آخرون: هذا منسوخ بالأحاديث التي تقدم ذكرها، قلت: وإنما أعطاهما رسول الله من سهم المؤلفة قلوبهم؛ فإن الظاهر من حالهما أنهما ليسا بفقيرين، وهما سيدا قومهما، ورئيسا قبائلهما».

قلت: الأشبه هو كما قاله ابن حبان، أن من كان واجداً غداء أو عشاء على دائم الأوقات، فقد حرمت عليه المسألة؛ يعني: أن من كانت له حرفة، أو تجارة، أو ضيعة تدر عليه غلة تكفي قوته في يومه وليلته، فلا يحل له أن يسأل الناس، ولكن ليس في الحديث ما يدل على تحريم أخذه من الصدقة، فإن القصة وردت على سؤال غني، رئيس في قومه، وجاء النص فيها على تحريم السؤال عليه، ولم يتناول منطوق الحديث ولا مفهومه حرمان من كان هذا حاله من الصدقة؛ أعني: واجد الغداء أو العشاء، لتعدد ضرورات الفقير وحاجاته في غير الغداء والعشاء: من مسكن يؤويه، ودابة يركبها، وملبس يواري عورته، ونحو ذلك مما لا بد للإنسان منه، فهناك مغايرة بين ما تحرم به المسألة، وما تحرم به الصدقة، وسيأتي لذلك مزيد بيان، والله أعلم.

قال ابن قدامة في المغني (٢/ ٤٩٣): «ثم يجوز أن تحرم المسألة ولا يحرم أخذ الصدقة إذا جاءته من غير المسألة، فإن المذكور فيه تحريم المسألة، فنقتصر عليه».

* ومما جاء في الترهيب من المسألة وعنده ما يغنيه:

١ - حديث أبي هريرة:

رواه محمد بن فضيل، عن عمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله : «من سأل الناس أموالهم تكثراً، فإنما يسأل جمراً [وفي رواية: جمر جهنم]؛ فليستقل أو ليستكثر».

أخرجه مسلم (١٠٤١)، وأبو عوانة (١٦/٤٧/٢٠٣٥٣ - الإتحاف)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (٣/ ١٠٩/ ٢٣٢٢)، وابن ماجه (١٨٣٨)، وابن حبان (٨/ ١٨٧/ ٣٣٩٣)، وأحمد (٢/ ٢٣١/ ٧١٦٣)، وابن أبي شيبة (٢/ ٤٢٥/ ١٠٦٧٣) (٦/ ٣٧٨/ ١٠٩٨١ - ط الشثري)، وابن أبي الدنيا في القناعة والتعفف (٢٠)، والبزار (١٧/ ١٦٣/ ٩٧٧٨)، وأبو يعلى (١٠/ ٤٧٤/ ٦٠٨٧)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (١/٣٢/٤٨ - مسند عمر)، والطحاوي (٢٠٢)، والقضاعي في مسند الشهاب (٥٢٥)، والبيهقي (٤/ ١٩٦)، وأبو نعيم الحداد في جامع الصحيحين (٢/ ١٦١/ ١٠٩٧)، وغيرهم. [التحفة (١٠/ ٣٣٠/ ١٤٩١٠)، الإتحاف (١٦/٤٧/٢٠٣٥٣)، المسند المصنف (٣١/ ٤٢٧/ ١٤٤٥٧)].

• ورواه إسماعيل بن عمرو البجلي، قال: نا قيس بن الربيع، عن أبي حصين، عن سالم بن أبي الجعد، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : «من سأل الناس ليثري ماله، فإنما هو جمر من جهنم، فمن شاء فليستكثر، ومن شاء فليستقل».

<<  <  ج: ص:  >  >>