الكتابة، لكنها زيادة شاذة، لا تثبت بهذا السياق، والمحفوظ فيه: رواية الوليد بن مزيد وعمر بن عبد الواحد عن ابن جابر، وتأتي، والصحيح: أن النبي ﷺ أمي لا يقرأ ولا يكتب، وبقي أمياً حتى لقي الله تعالى، والآية في هذا محكمة: ﴿وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (٤٨)﴾ [العنكبوت: ٤٨]، وما روي من آثار بخلاف هذا المعنى فإنه لا يثبت منها شيء، وما صح فإنه متأول، كما في قصة صلح الحديبية في الصحيحين، والصحيح فيها: أن النبي ﷺ قال لعلي: «أرني إياها»؛ يعني: كلمة: رسول الله، فمحاها بيده؛ لامتناع علي من محوها، ثم أعاد الكتاب لعلي فأتم الكتاب، والله أعلم. [انظر: صحيح البخاري (٢٦٩٩ و ٣١٨٤ و ٤٢٥١)، صحيح مسلم (٩٢/ ١٧٨٣)، فتح الباري (٧/ ٥٠٣)]، وليس هذا موضع استيعاب أدلة الفريقين في المسألة، وقد صنف أبو الوليد الباجي فيها مصنفاً مستقلاً.
قلت: ومحمد بن المهاجر ابن أبي مسلم الأنصاري الشامي: ثقة؛ وقد تكون هذه الزيادة بهذا السياق من مسكين بن بكير الحراني نفسه، وهو: لا بأس به، كان كثير الوهم، حدث عن شعبة بأحاديث لم يروها أحد [التهذيب (٤/ ٦٤)]، ويؤيد ذلك أنه قد جعل الأقرع هو أحلم الرجلين، ونسب لعيينة ضرب المثل بصحيفة المتلمس، وذلك بخلاف رواية ابن جابر الآتية، والله أعلم.
* وله طريق أخرى عن أبي كبشة:
• رواه صدقة بن خالد [دمشقي، ثقة]، والوليد بن مسلم [دمشقي، ثقة ثبت]، والوليد بن مزيد [بيروتي، ثقة ثبت]، وبشر بن بكر [التنيسي، ثقة]، وعمر بن عبد الواحد [السلمي، أبو حفص الدمشقي، ثقة]، ومحمد بن شعيب بن شابور [دمشقي، ثقة]، وأيوب بن سويد [الرملي، ضعيف]:
حدثني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر [دمشقي، ثقة، من السابعة، روى له الجماعة]، قال: حدثني ربيعة بن يزيد [أبو شعيب الإيادي الدمشقي: ثقة، من الرابعة، روى له الجماعة]، قال: حدثني أبو كبشة السلولي، أنه سمع سهل ابن الحنظلية صاحب رسول الله ﷺ أن الأقرع وعيينة سألا رسول الله ﷺ شيئاً، فأمر معاوية أن يكتب به لهما، وختمه رسول الله ﷺ، وأمر بدفعه إليهما، فأما عيينة فقال: ما فيه؟، فقال: فيه الذي أمرت به، فقبله وعقده في عمامته، وكان أحلم الرجلين [وفي رواية: وكان أحكم الرجلين]، وأما الأقرع فقال: أحمل صحيفة لا أدري ما فيها كصحيفة المتلمس، فأخبر معاوية رسول الله ﷺ بقولهما، وخرج رسول الله ﷺ في حاجته، فمر ببعير مُناخ على باب المسجد في أول النهار، ثم مر به في آخر النهار، وهو في مكانه فقال:«أين صاحب هذا البعير؟»، فابتغي فلم يوجد، فقال:«اتقوا الله في هذه البهائم، اركبوها صحاحاً، وكلوها سماناً، كالمتسخط آنفاً، إنه من سأل شيئاً وعنده ما يغنيه، فإنما يستكثر من جمر جهنم»، قالوا: يا رسول الله، وما يغنيه؟، قال:«ما يغديه، أو يعشيه». لفظ الوليد بن مسلم [عند ابن حبان].