للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ولفظ أحمد: قالت له أمه: ألا تنطلق فتسأل رسول الله كما يسأله الناس، فانطلقت أسأله، فوجدته قائماً يخطب، وهو يقول: «من استعفّ أعفّه الله، ومن استغنى أغناه الله، ومن سأل الناس وله عدل خمس أواق فقد سأل إلحافاً»، فقلت بيني وبين نفسي، لناقة له: هي خير من خمس أواق، ولغلامه ناقة أخرى هي خير من خمس أواق، فرجعت ولم أسأله.

أخرجه أحمد (٤/ ١٣٨)، والطحاوي في شرح المعاني (٤/ ٣٧٢)، وفي المشكل (١/ ٤٢٩/ ٤٩٠)، وفي أحكام القرآن (٧٤٨). [الإتحاف (١٦/ ٣٨٣/ ٢٠٩٠٩)، المسند المصنف (٣٥/٣٥/١٦٧٠٥)].

قلت: وهذا حديث شاذ؛ جعفر بن عبد الله بن الحكم بن رافع بن سنان الأنصاري المدني: قال البخاري: «رأى أنساً، وعن علباء السلمي»، ولم يذكر له سماعاً من أحد من الصحابة، ثم أسند البخاري له حديثاً عن أبي هريرة، وبينه وبين أبي هريرة فيه رجلان، وعامة ما يرويه عن الصحابة بواسطة رجل أو رجلين، وروايته في صحيح مسلم عن صغار الصحابة، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين، وقال: «يروي عن أنس بن مالك، وعلباء بن أحمر»، ثم أعاد ذكره في أتباع التابعين، وقال: «وقد قيل: إنه سمع أنس بن مالك؛ إن كان حفظه أبو بكر الحنفي، وقد ذكرناه في كتاب التابعين»، قلت: سماعه من أنس في صحيح مسلم، وروايته عن محمود بن لبيد، وهو صحابي صغير، عند مسلم أيضاً [التاريخ الكبير (٢/ ١٩٥)، صحيح مسلم (٥٣٣ و ١٩٨٢)، الجرح والتعديل (٢/ ٤٨٢)، الثقات (٤/ ١٠٦) و (٦/ ١٣٥)، رجال صحيح مسلم (٢٢٨)، إكمال مغلطاي (٣/ ٢٢٤)، تحفة التحصيل (٥٢)، التهذيب (١/ ٣٠٨)].

قلت: فمثله إذا روى عن صحابي مبهم ولم يذكر منه سماعاً؛ فإنه يتأكد فيه الإرسال، وعدم السماع، وذلك فضلاً عن كونه لم يشهد بصحبة الرجل المزني، وإنما اكتفى بروايته: عن رجل من مزينة، كذا قال، فلم يشهد له بالصحبة، ولا بسماعه من النبي ، ولا برؤيته له، على ما قدمنا ذكره في شرطي تصحيح حديث الصحابي المبهم، وذلك في حديث عطاء بن يسار عن رجل من بني أسد، والسابق برقم (١٦٢٧)، حيث قلت بأن تصحيح حديث الصحابي المبهم مشروط بشرطين بشرط سماع التابعي من الصحابي، وبشرط أن يشهد التابعي له بالصحبة، أو بالرؤية، أو بالسماع، وذلك بأن يقول مثلاً: سمعت رجلاً من أصحاب النبي ، أو أخبرني من سمع النبي ، أو حدثني من رأى النبي .

وعلى هذا فلا يثبت اتصال هذا الحديث، ولا يعد في المسند؛ فضلاً عن شذوذ متنه، ومخالفته ما ثبت: من حديث رجل بن بني أسد، ومن حديث أبي سعيد الخدري، ومن حديث عبد الله بن عمرو؛ مرفوعاً: «من سأل وله قيمة أوقية فقد ألحف».

فهو حديث شاذ، وهو عمدة الحنفية فيما ذهبوا إليه، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل، اللهم اهدنا وسددنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>