ومن ذلك أيضا: ما رواه كثير بن هشام [الكلابي أبو سهل الرقي: ثقة]، وزهير بن معاوية [ثقة ثبت]:
عن جعفر بن برقان [الرقي: ثقة، ضابط لحديث ميمون بن مهران، من أثبت الناس فيه]، قال: حدثنا ميمون بن مهران [ثقة، من الرابعة]، أن امرأة جاءت إلى عمر بن الخطاب تسأله من الصدقة، فقال لها عمر: إن كانت لك أوقية فلا يحل لك الصدقة - قال: والأوقية يومئذ فيما ذكر ميمون: أربعون درهما -، فقالت: بعيري هذا خير من أوقية. قال: فقلت لميمون: أأعطاها؟ قال: لا أدري.
أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في الأموال (١٧٣٦)، وابن زنجويه في الأموال (٢٠٨٣).
• ورواه معمر بن راشد [ثقة]، عن جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران، قال: أخبرني من كان عند عمر بن الخطاب، فجاءته امرأة تسأله، فقال لها: إن كان عندك عدل أوقية فلا تحل لك الصدقة، فقالت: بعيري هذا خير من أوقية، قال: فلا أدري أعطاها، أم لا.
أخرجه معمر في الجامع (١١/ ٩٤/ ٢٠٠٢٢).
قلت: إسناده منقطع في الرواية الأولى، وفي الأخرى مبهم، وميمون بن مهران: لم يدرك عمر بن الخطاب، فقد صح عنه أنه قال:«ولدت سنة الجماعة، سنة أربعين» [الطبقات لابن سعد (٧/ ٤٧٨)، التاريخ الأوسط (١/ ٢٨٤/ ١٣٨٨)، التاريخ الكبير (٧/ ٣٣٨)، الثقات (٥/ ٤١٧)]، واستشهد عمر سنة ثلاث وعشرين، إنما سمع ابن عباس وابن عمر ونحوهما.
وعليه: فلا يثبت هذا الأثر عن عمر فيمن لا تحل له الصدقة.
• وإنما ثبت في الباب: من حديث رجل بن بني أسد، ومن حديث أبي سعيد الخدري، ومن حديث عبد الله بن عمرو: كراهية المسألة لمن له أربعون درهما، وليس فيها بيان حد الغنى؛ الذي لا يحل معه أخذ الصدقة.
دليل من قال بخمس أواق:
روى يزيد بن سنان [أبو خالد القزاز البصري نزيل مصر: ثقة]، وأحمد بن حنبل [ثقة حجة، إمام فقيه]:
قال يزيد: حدثنا أبو بكر الحنفي [عبد الكبير بن عبد المجيد البصري: ثقة]، قال: حدثنا عبد الحميد بن جعفر [مدني، صدوق]، قال: حدثني أبي [جعفر بن عبد الله بن الحكم الأنصاري: ثقة]، عن رجل من مزينة، أنه أتى أمه فقالت: يا بني، لو ذهبت إلى رسول الله ﷺ فسألته؟، قال: فجئت إلى رسول الله ﷺ وهو قائم يخطب، وهو يقول:«من استغنى أغناه الله، ومن استعف أعفه الله، ومن سأل الناس وله عدل خمس أواق يسأل إلحافا».