له، فلما اجتمع المسلمون على أبي بكر ﵁ خرج بها، فكانت أول إبل من الصدقة قدمت على أبي بكر ﵁ هي، وإبل الزبرقان بن بدر، قال ابن إسحاق: وكان من حديث الزبرقان بن بدر السعدي، أن بني سعد اجتمعوا إليه، فسألوه أن يرد إليهم أموالهم، وأن يصنع بهم ما صنع مالك بن نويرة بقومه، فأبى وتمسك بما في يده، وثبت على إسلامه، وقال: لا تعجلوا يا قوم، فإنه والله ليقومن بهذا الأمر قائم بعد رسول الله ﷺ، فذكر قصة، قال: فدفعهم عن نفسه حتى أتاه اجتماع الناس على أبي بكر ﵁، فخرج بها، وقد تفرق القوم عنه ليلاً، ومعه الرجال يطردونها، فما علموا به حتى أتاهم أنه قد أداها إلى أبي بكر ﵁، فكانت هذه الإبل التي قدم بها الزبرقان وعدي بن حاتم أول إبل وافت أبا بكر ﵁ من إبل الصدقة بعد وفاة رسول الله ﷺ. قال ابن إسحاق: وكان رسول الله ﷺ بعث عدي بن حاتم ﵁ على صدقات طيئ، والزبرقان بن بدر على صدقات بني سعد، وطليحة بن خويلد على صدقات بني أسد، وعيينة بن حصن على صدقات بني فزارة، ومالك بن نويرة على صدقات بني يربوع، والفجاءة على صدقات بني سليم، فلما بلغهم وفاة النبي ﷺ وعندهم أموال كثيرة ردوها على أهلها؛ إلا عدي بن حاتم، والزبرقان بن بدر، فإنهما تمسكا بها، ودفعا عنها الناس، حتى أدياها إلى أبي بكر ﵁».
وقال في الخلافيات (٥/ ٣٢٨): «وإتيان عدي بن حاتم والزبرقان بن بدر وغيرهما بالصدقات إلى المدينة: محمول على ما فضل عن أهاليهم في موضع الصدقة، ويحتمل أن يكون من حولهم لم يسلموا بعد، أو ارتدوا في زمان أبي بكر، وكانت المدينة أقرب داراً ونسباً إلى اليمن من طيئ ومضر، ويحتمل أن يكون أبو بكر ﵁ أمر بردها بعد وصولها إليه إلى أربابها، حيث نقل منها، والحكاية حكاية حال، فكل يحتمل، والله أعلم».
وقال أبو عبيد في الأموال بعد أن أشار إلى أحاديث الرخصة في حملها من بلدها إلى غيره:«وليس لهذه الأشياء محمل إلا أن تكون فضلاً عن حاجتهم، وبعد استغنائهم عنها».
٣ - حديث معاذ بن جبل:
رواه عمرو بن دينار، عن طاووس، قال: قال معاذ باليمن: ائتوني بعرض ثياب آخذه منكم مكان الذرة والشعير، فإنه أهون عليكم، وخير للمهاجرين بالمدينة.
ورواه سفيان بن عيينة، عن إبراهيم بن ميسرة، عن طاووس، قال: قال معاذ باليمن: ائتوني بخميس أو لبيس أخذه منكم مكان الصدقة، فإنه أهون عليكم، وخير للمهاجرين بالمدينة.
وهو حديث مرسل بإسناد صحيح.
وهو حديث غير محفوظ في أخذ القيمة في الزكاة المفروضة؛ حيث لم يتابع على روايته طاووس، ولعله كان في الجزية كما جزم به جماعة، وهو الأشبه.
فقد ثبت عن معاذ أنه كان يأخذ القيمة في الجزية دون الزكاة المفروضة. راجع: تخريجه بطرقه مفصلاً مع أقوال العلماء فيه تحت الحديث رقم (١٥٩٩).