قلت: وهذه القرائن تدل على إرسال هذا الحديث، وأنه لم يسمعه عطاء بن أبي ميمونة من عمران بن حصين، ولعل الذهبي لحظ هذا المعنى، فقال في «السير»: «حدث عن عمران بن حصين؛ فلعله مرسل»، ثم جزم بذلك في «الميزان»، فقال:«عن عمران بن حصين، وروايته عنه في سنن أبي داود، وهي منقطعة، لم يدركه» [وأما ما وقع في ترجمة إبراهيم بن عطاء، من التاريخ الكبير (١/ ٣٠٩)(١/ ٧٣٤ - ط الناشر المتميز)، من تصريح بالسماع، حيث قال بعضهم في بعض الأسانيد:«قال لي عمران»، فهو وهم من راويه، حيث زاد فيه:«لي»، والصواب: قال عمران].
وعطاء بن أبي ميمونة، وإن وثقه ابن معين، وأبو زرعة، والنسائي، والعجلي، ويعقوب بن سفيان، لكن قال أبو حاتم:«صالح، لا يحتج بحديثه»، وأدخله العقيلي في ضعفائه، وذكر له حديثاً، ثم قال:«لا يتابع عليه، ولا يعرف إلا به»، وكذلك ابن عدي أدخله في «كامله»، وذكر له أحاديث، ثم قال:«ولعطاء بن أبي ميمونة غير ما ذكرت من الحديث، ومن يروي عنه يكنيه بأبي معاذ، ولا يسميه لضعفه، وهو معروف بالقدر، وابنه روح بن عطاء، وفي أحاديثه بعض ما ينكر عليه».
وإبراهيم بن عطاء بن أبي ميمونة، قيل: مولى عمران بن حصين، وقيل: مولى آل عمران بن حصين، سمع أباه، وقال ابن معين:«صالح»، وقال أبو داود:«ليس به بأس، هو مولى عمران بن حصين»، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال أبو حاتم:«إبراهيم بن عطاء؛ أخو روح بن عطاء بن أبي ميمونة: أحب إلي من روح بن عطاء»، قلت: وروح: ضعيف [التاريخ الكبير (١/ ٣٠٩)(١/ ٧٣٤ - ط الناشر المتميز)، الجرح والتعديل (٢/ ١١٨)، سؤالات أبي عبيد الآجري (١٢٧٧)، الثقات (٦/٢٢)، الموضح (١/ ٣١٩)، التهذيب (١/ ٧٧)].
وفي الباب:
١ - حديث ابن عباس:
يرويه زكريا بن إسحاق المكي، عن يحيى بن عبد الله بن صيفي، عن أبي معبد، عن ابن عباس؛ أن رسول الله ﷺ بعث معاذاً إلى اليمن، فقال:«إنك تأتي قوماً أهل كتاب، فادْعُهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن هم أطاعوك لذلك؛ فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك لذلك؛ فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقةً في أموالهم، تُؤخذ من أغنيائهم وتُرَدُّ في فقرائهم، فإن هم أطاعوك لذلك؛ فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم، فإنها ليس بينها وبين الله حجاب».
أخرجه البخاري (١٣٩٥ و ١٤٩٦ و ٢٤٤٨ و ٤٣٤٧ و ٧٣٧١)، ومسلم (١٩)، وتقدم برقم (١٥٨٤).
والشاهد منه: أن معاذاً أمر أن يرد الصدقة على فقرائهم، ولم يؤمر بحملها إلى المدينة.