قتيبة مقرونين في الإسناد، بلفظ: أن زياداً بعث عمران بن حصين مصدقاً، فجاء ولم يجئ بشيء، فقال له: أين المال؟ فقال: أخذناها كما كنا نأخذها على عهد رسول الله ﷺ، وفعلنا كما كنا نفعل على عهد رسول الله ﷺ.
وفي رواية أبي عاصم [عند الطبراني]: أن عمران بن حصين استعمل على الصدقة، … .
قلت: هذا الإسناد صورته مرسل واختلف الثقات فيه، فمنهم من يقول: أن عمران بن حصين استعمل على الصدقة، ومنهم من يقول: أن زياداً بعث عمران بن حصين، ومنهم من يقول: أن زياداً، أو بعض الأمراء، بعث عمران بن حصين، ومنهم من يقول: أن زياداً، أو ابن زياد بعث عمران بن حصين.
فاتفق رواة هذا الحديث أن عطاء بن أبي ميمونة لا يرويه رواية، وإنما يحكيه حكاية.
قلت: وعطاء بن أبي ميمونة ليس له في الكتب الستة عن عمران سوى هذا الحديث، وقد مات بعد الطاعون بالبصرة، وكان الطاعون سنة إحدى وثلاثين ومائة [طبقات ابن سعد (٧/ ٢٤٥)، العلل ومعرفة الرجال (٣/ ٧٧/ ٤٢٥٧)، التاريخ الكبير (٦/ ٤٦٩)، التاريخ الأوسط (٢/٢٩/١٦٧٨)، ضعفاء العقيلي (٣/ ٤٠٣)، الجرح والتعديل (٦/ ٣٣٧)، الثقات (٥/ ٢٠٣)، الكامل (٧/ ٨٢)(٨/ ٥٢١ - ط الرشد)، السير (٦/٤٧)، تاريخ الإسلام (٣/ ٧٠٢ - ط الغرب)، الميزان (٣/ ٧٦)، تحفة التحصيل (٢٣٠)، التهذيب (٣/ ١٠٩)].
وعمران بن حصين: مات سنة (٥٢) بالبصرة، قبل وفاة زياد بسنة [طبقات ابن سعد (٧/١٢)].
وزياد بن أبي سفيان: مات سنة (٥٣)، وقيل: بعدها [طبقات ابن سعد (٧/ ٩٩)، التاريخ الأوسط (١/ ١١٥/ ٤٨٠)، المجروحين (١/ ٣٠٥)، تاريخ مولد العلماء (١/ ١٥٥)، السير (٣/ ٤٩٤)، تاريخ الإسلام (٢/ ٤٨٧)]، وزياد بن أبي سفيان كان قد استعمل عمران على القضاء [أخبار القضاة (١/ ٢٩١)].
وعليه: فلم يدرك عطاء هذه الواقعة، بل ولا أدرك عمران بن حصين، فإن بين وفاتيهما ما يقرب من ثمانين سنة، والبخاري لما ترجم لعطاء في «التاريخ الكبير» قال: «سمع أنساً ﵁، وأبا رافع»، ولم يذكر له سماعاً من غيرهما بل ولا رواية، بل لم يذكروا له رواية عن عمران بن حصين، وإنما يقولون: قيل: مول عمران بن حصين، وظاهر عبارتهم يدل على ترجيح كونه مولى لأنس بن مالك.