مرة، عن أبي البختري، عن علي، قال: قال عمر بن الخطاب للناس: ما ترون في فضل فَضَلَ عندنا من هذا المال؟ فقال الناس: يا أمير المؤمنين، قد شغلناك عن أهلك وضيعتك وتجارتك، فهو لك، فقال لي: ما تقول أنت؟ فقلت: قد أشاروا عليك، فقال: قل، فقلت: لم تجعل يقينك ظناً؟ [وفي رواية: وعلمك جهلاً؟]، فقال: لتخرجن مما قلت [أو لأعاقبنك]، فقلت: أجل، والله لأخرجن منه، أتذكر حين بعثك نبي الله ﷺ ساعياً، فأتيت العباس بن عبد المطلب، فمنعك صدقته، فكان بينكما شيء، فقلت لي: انطلق معي إلى النبي ﷺ، فوجدناه خاثراً، فرجعنا، ثم غدونا عليه فوجدناه طيب النفس، فأخبرته بالذي صنع، فقال لك: «أما علمت أن عم الرجل صنو أبيه؟» [وفي رواية: «أما علمت يا عمر أن عم الرجل صنو أبيه»، وقال: «إنا كنا احتجنا، فاستسلفنا العباس صدقة عامين»] [وفي رواية: «نحن نعطيه من عندنا، أو هي علي»].
وذكرنا له الذي رأيناه من خثوره في اليوم الأول، والذي رأيناه من طيب نفسه في اليوم الثاني، فقال: «إنكما أتيتماني في اليوم الأول وقد بقي عندي من الصدقة ديناران، فكان الذي رأيتما من خثوري له، وأتيتماني اليوم وقد وجهتهما، فذاك الذي رأيتما من طيب نفسي»؟
فقال عمر: صدقت والله لأشكرن لك الأولى والآخرة.
قلت: يا أمير المؤمنين! فلم تعجل العقوبة وتؤخر الشكر؟
وفي سنده انقطاع.
قلت: وباجتماع مرسل الحسن بن مسلم، وحديث علي على ما فيه من انقطاع: يمكن توجيه معنى حديث أبي هريرة؛ بأن النبي ﷺ كان تسلف من العباس صدقة عامين، والله أعلم، لا سيما وقد احتج به على هذا المعنى جمع من الأئمة تقدم ذكرهم.
قال صالح بن أحمد في مسائله (١٣٩٠): قال أبي: يعجل من الزكاة للسنة؛ لأن النبي ﷺ تعجل صدقة العباس، وقال: «إنا كنا تعجلنا صدقة العباس العام عام أول».
وإنما أراد بذلك: مرسل منصور عن الحكم. [انظر: مسائل صالح (١١٧٣)].
وقال ابن هانئ في مسائله لأحمد (٥٥٢): «سألت أبا عبد الله عن تعجيل الزكاة؟ قال: لا بأس به؛ أليس قد تعجل النبي ﷺ زكاة عمه العباس العام، عام أول؟».
وقال عبد الله بن أحمد في مسائله (٥٦٥): «سألت أبي: هل يجوز للرجل أن يتصدق بصدقة فيحسب ذلك ويكتبه، فإذا بلغ رأس الحول فصيره من زكاته؟
قال: لا بأس بتعجيل الزكاة إذا وجد لها موضعاً.
قلت لأبي: فإن زكى قبل أن تجب عليه؟
فقال: لا بأس؛ النبي ﷺ تعجل صدقة العباس، وهي الزكاة».
وانظر أيضاً: مسائل صالح (١٩٥) و (١٣٣٩)، مسائل أبي داود (٥٨٤)، مسائل ابن هانئ (٥٥٤)، مسائل إسحاق الكوسج (٦٣٨)، الروايتين والوجهين (١/ ٢٣٣)، وغيرها.