التابعين: القول بصاع من البر، وأن صدقة الفطر: صاع، صاع من كل الأقوات: جاء ذلك عن أبي العالية، ومسروق، وأبي عبد الرحمن السلمي عبد الله بن حبيب، وابن سيرين، والحسن البصري. [انظر: ما أخرجه ابن أبي شيبة (١٠٣٥٨ - ١٠٣٦٠)، وابن زنجويه في الأموال (٢٣٩٣ و ٢٣٩٤ و ٢٤١٤)، والبيهقي في السنن (٤/ ١٦٧)].
وفي ذلك خرق لدعوى الإجماع التي ادعاها ابن زنجويه وابن المنذر والطحاوي، وذلك فضلاً عن مخالفة ابن عمر وأبي سعيد وعائشة لتعديل معاوية، والله أعلم.
• قال ابن أبي زيد القيرواني في النوادر والزيادات (٢/ ٣٠١): «ومنه [يعني: المجموعة لابن عبدوس]، ومن كتاب ابن المواز: قال ابن القاسم: قال مالك: وتؤدى من القمح والشعير والسلت والذرة والدخن والأرز والزبيب والتمر والأقط، صاع من قوت البلد الذي هو به، من ذلك كله.
وأنكر مالك ما روي من الحديث في نصف صاع، ولم يصح عنده.
ويدل أن ذلك لا يجزئ عن القيمة: أن ما ذكر في الحديث الصحيح بعضه أعلى قيمة من بعض، والكيل متفق. قال: والحنطة أفضل من ذلك [وانظر: الجامع لمسائل المدونة لابن يونس (٤/ ٣٣٩)].
وقال أشهب: «وسئل مالك، فقيل له: إن بعض الناس يقول في زكاة الفطر مدان، قال: القول ما قال رسول الله ﷺ. فذكرت له الأحاديث التي تذكر عن رسول الله ﷺ في مدين من الحنطة في زكاة الفطر، فأنكرها، وقال: عقيل؛ وتبسم، وقال: إذا كان الشيء من أمر دينك، فعليك أبداً في أمره بالثقة، وأنه لن ينجيك أن تقول: سمعت، وقد كان يقال: كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع» [البيان والتحصيل (٢/ ٤٩٨)، التمهيد (٤/ ١٣٨)].
وقال الشافعي في الأم (٣/ ١٧٠): ولا يخرج من الحنطة في صدقة الفطر إلا صاع».
وقال أبو داود في مسائله (٥٨٧): «سمعت أحمد، سئل عن زكاة الفطر؟ قال: صاع من تمر، أو صاع من بر، أو صاع من شعير».
وقال ابن حزم في المحلى (٤/ ٢٤٩): «فهذا ابن عمر قد ذكرنا أنه كان لا يخرج إلا التمر، أو الشعير، ولا يخرج البر، وقيل له في ذلك، فأخبر أنه في عمله ذلك على طريق أصحابه؛ فهؤلاء هم الناس الذين يستوحش من خلافهم، وهم الصحابة ﵃، بأصح طريق، وإنهم ليدعون الإجماع بأقل من هذا إذا وجدوه».
وكذلك في حديث أبي سعيد الخدري ما يرد نسبة القول بإخراج نصف صاع من بر؛ إلى أحد من الخلفاء الأربعة، وهو ما يشير إليه قول ابن عمر: إني أعطي ما كان يعطي أصحابي، سلكوا طريقاً فأريد أن أسلكه.
قال ابن حزم في المحلى (٤/ ٢٥٢): «تناقض ها هنا المالكيون المهولون بعمل أهل