واحتج بعض من يرى القول بإخراج القيمة بما روي في ذلك من مراسيل:
١ - تقدم ذكر مرسل الزهري عن سعيد بن المسيب، في الحديث السابق.
ومن طرقه: ما رواه عبد الرحمن بن خالد بن مسافر، وعقيل بن خالد، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب؛ أن رسول الله ﷺ فرض زكاة الفطر مدين من حنطة.
٢ - وروى قتيبة بن سعيد: حدثنا الليث، عن عمرو بن الحارث، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط، عن سعيد بن المسيب، أن رسول الله ﷺ فرض زكاة الفطر مدين من قمح.
أخرجه أبو داود في المراسيل (١١٩). [التحفة (١٨٧٥٥)].
وهذا مرسل بإسناد صحيح.
٣ - وروى سليمان بن حرب [ثقة حافظ]، لزم حماد بن زيد تسع عشرة سنة. التهذيب [(٢/ ٨٨)]، ومحمد بن عبيد [ابن حساب: بصري ثقة]:
حدثنا حماد بن زيد [ثقة ثبت]، عن عبد الخالق بن سلمة الشيباني [ثقة]، عن سعيد بن المسيب، قال: كانت الصدقة تعطى على عهد رسول الله ﷺ، وأبي بكر وعمر ﵄، نصف صاع من حنطة.
أخرجه أبو داود في المراسيل (١٢٤)، والطحاوي في شرح المعاني (٢/٤٦)، وفي المشكل (٩/٣٤/٣٤١٨).
قال أبو داود: «رواه شعبة، وبشر بن المفضل، عن عبد الخالق مثله».
قال الطحاوي: «ففيما روينا من هذا ما قد دل أن نصف صاع من حنطة، كان في صدقة الفطر أصلا من الأصول التي فرضها رسول الله ﷺ فيها، وفي ذلك ما قد أغنى عن التقويم».
• خالفه: إسماعيل بن إبراهيم [ابن علية: ثقة ثبت، إليه المنتهى في التثبت بالبصرة]، عن عبد الخالق بن سلمة الشيباني، قال: سألت سعيد بن المسيب عن الصدقة؛ يعني: صدقة الفطر، فقال: كانت على عهد رسول الله ﷺ صاع تمر، أو نصف صاع حنطة، عن كل رأس، فلما قام أمير المؤمنين عمر كلمه ناس من المهاجرين، فقالوا: إنا نرى أن نؤدي عن أرقائنا عشرة كل سنة، إن رأيت ذلك، قال عمر: نعم ما رأيتم، وأنا أرى أن أرزقهم كل شهر جريبين، قال: فكان الذي يعطيهم أمير المؤمنين أفضل من الذي يأخذ منهم، فلما جاء هؤلاء قالوا: هاتوا العشرة ونمسك الجريبين، فلا، ولا نعمي عين.
أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في الأموال (٦١٦) و (١٣٦٦)، وعنه: ابن زنجويه في الأموال (٩٠٠).
قلت: هذه الرواية أشبه بالصواب، وهو أن سعيد بن المسيب أرسل الحديث، ولم ينسب إخراج نصف صاع من حنطة لأبي بكر وعمر.
والعمدة في هذا ما ثبت عن أبي سعيد الخدري: أن أول من عدل صاعا من تمر أو شعير بنصف صاع من البر: هو معاوية بن أبي سفيان بعدما استخلف.