الحسن يومئذ بالبصرة، وإنما كان بالمدينة، هذا ما لا خلاف فيه بين أحد من نقلة الحديث.
وأيضاً وجه ثالث: فإنه حديث مفتعل، لا يصح؛ لأن البصرة فتحها وبناها سنة أربع عشرة من الهجرة عتبة بن غزوان المازني بدري مدني، ووليها بعده المغيرة بن شعبة وأبو موسى وعبد الله بن عامر، وكلهم مدنيون، ونزلها من الصحابة المدنيين أزيد من ثلاثمائة رجل، منهم: عمران بن الحصين، وأنس بن مالك، وهشام بن عامر، والحكم بن عمرو، وغيرهم، وفتحت أيام عمر بن الخطاب، وتداولها ولاته، إلى أن وليها ابن عباس بعد صدر كبير من سنة ست وثلاثين من الهجرة، فلم يكن في هؤلاء كلهم من يخبرهم بزكاة الفطر! بل ضيعوا ذلك، وأهملوه، واستخفوا به، أو جهلوه مدةً أزيد من اثنين وعشرين عاماً مدة خلافة عمر بن الخطاب، وعثمان رضوان الله عليهم، حتى وليهم ابن عباس بعد يوم الجمل، أترى عمر وعثمان ضيعا إعلام رعيتهما هذه الفريضة؟ أترى أهل البصرة لم يحجوا أيام عمر وعثمان؟ ولا دخلوا المدينة؟ فغابت عنهم زكاة الفطر إلى بعد يوم الجمل؟ إن هذا لهو الضلال المبين والكذب المفترى ونسبة البلاء إلى الصحابة رضوان الله عليهم إن هذا الخبر ما يدخل تصحيحه في عقل سليم، وما حدث الحسن - والله أعلم - بهذا الحديث إلا على وجه التكذيب له؛ لا يجوز غير ذلك».
قال النسائي:«خالفه هشام، فقال: عن محمد بن سيرين».
• قلت: رواه مخلد بن حسين الأزدي [ثقة]، والنضر بن شميل [ثقة ثبت]، وعبد الرزاق بن همام [ثقة حافظ]:
عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن ابن عباس قال: ذكر في صدقة الفطر فقال: صاع من بُر، أو صاع من تمر، أو صاع من شعير، أو صاع من سلت. لفظ مخلد [عند النسائي].
ولفظ عبد الرزاق: زكاة الفطر على كل عبد أو حر، صغير وكبير، من أدى زبيباً قبل منه، ومن أدى تمراً قبل منه، ومن أدّى شعيراً قبل منه، ومن أدَّى سلتاً قبل منه؛ صاعاً صاعاً.
ولفظ النضر: صاع من طعام على الصغير والكبير، والحر والمملوك، من أدى براً قبل منه، ومن أدى شعيراً قبل منه، ومن أدى تمراً قبل منه، ومن أدى زبيباً قبل منه، ومن أدى سلتاً قبل منه، قال: وأظنه قال: من أدى سويقاً، أو دقيقاً، قبل منه.
أخرجه النسائي في المجتبى (٥/ ٢٥٠٩)، وفي الكبرى (٣/٤٠/٢٣٠٠)، وعبد الرزاق (٣/ ٥٧٦٧/ ٣١٣)، وابن زنجويه في الأموال (٢٣٨٩). [التحفة (٤/ ٦٩٧/ ٦٤٣٩)، المسند المصنف (١٢/٤١/٥٧٠١)].
وهذا إسناد صحيح إلى ابن سيرين، وهو موقوف على ابن عباس.
• ورواه عبد الجبار بن العلاء [ثقة]: حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم [ثقة]: حدثنا