والحاصل: فإنه لا تجب صدقة الفطر عن الجنين في بطن أمه، وقد أجمع أهل العلم على ذلك، والله أعلم.
• قال مالك في المدونة (١/ ٣٨٨): «لا تؤدى الزكاة عن الحبل».
وقد أخذ أحمد استحباباً بأثر عثمان مع انقطاعه وعدم ثبوته؛ لأنه أعلى ما في الباب، على جهة الاحتياط.
قال أبو داود:«سمعت أحمد ذكر حديث عثمان: أنه كان يعطي صدقة الفطر عن الحبل إذا تبين، فقال أحمد: ما أحسن ذلك، إذا تبين صار ولداً» [مسائل أبو داود (٦٠٢)].
وقال ابن هانئ:«سمعت أبا عبد الله يقول: زكاة الفطر على الصغير والكبير، والذكر والأنثى، والحر والعبد، والحبلى» [مسائل ابن هانئ (٥٤٧)] [وانظر أيضاً: مسائل عبد الله بن أحمد (٦٤٤)].
وقال ابن المنذر في الإشراف (٣/ ٧٢): «أجمع كل من يحفظ عنه من علماء أهل الأمصار: لا يجب على الرجل إخراج زكاة الفطر عن الجنين في بطن أمه، وممن حفظنا ذلك عنه: عطاء، ومالك، وأبو ثور، وأصحاب الرأى. وكان أحمد بن حنبل يستحب ذلك، ولا يوجبه، ولا يصح عن عثمان خلاف ما قلناه».
وقال في الإجماع (١١١): «وأجمعوا على أن: لا زكاة على الجنين في بطن أمه، وانفرد ابن حنبل: فكان يحبه، ولا يوجبه».
وقال في الإقناع (١/ ١٨٢): «وليس على المرء إخراج زكاة الفطر عن الجنين في بطن أمه».
وقال ابن القطان الفاسي في الإقناع (١٢١٢): «وأجمعوا أن زكاة الفطر لا تجب على الجنين في بطن أمه».
وذكر ابن قدامة في المغني (٣/ ٩٩) عن أحمد رواية أخرى بالوجوب.
وقد قال بوجوبها على الجنين: ابن حزم؛ فلم يصب وخالف الإجماع، وممن رد عليه: الحافظ العراقي، حيث قال في شرح الترمذي: «واستدلاله بما استدل به على وجوب زكاة الفطر على الجنين في بطن أمه في غاية العجب، أما قوله: على الصغير والكبير؛ فلا يفهم عاقل منه إلا الموجودين في الدنيا، أما المعدوم فلا نعلم أحداً أوجب عليه، وأما حديث ابن مسعود: فلا يطلع على ما في الرحم إلا الله؛ كما قال: ﴿وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ﴾ [لقمان: ٣٤]، وربما يُظَنُّ حملها وليس بحمل، وقد قال إمام الحرمين: لا خلاف في أن الحمل لا يُعلم، وإنما الخلاف في أنه يعامل معاملة المعلوم، بمعنى أنه يؤخر له ميراث لاحتمال وجوده، ولم يختلف العلماء في أن الحمل لا يملك شيئاً في بطن أمه، ولا يحكم على المعدوم حتى يظهر وجوده، قال: وأما استدلاله بما ذكر عن عثمان وغيره فلا حجة فيه؛ لأن أثر عثمان منقطع؛ فإن بكراً وقتادة روايتهما عن عثمان مرسلة، والعجب: أنه لا يحتج بالموقوفات، ولو كانت صحيحة متصلة، وأما أثر أبي قلابة: فمن