الذين كان يعجبهم ذلك، وهو لو سمى جمعا من الصحابة لما كان ذلك حجة، وأما سليمان بن يسار: فلم يثبت عنه، فإنه من رواية رجل لم يسم عنه، فلم يثبت فيه خلاف لأحد من أهل العلم، بل قول أبي قلابة: كان يعجبهم؛ ظاهر في عدم وجوبه، ومن تبرع بصدقة عن حمل رجاء حفظه وسلامته فليس عليه فيه بأس، وقد نقل الاتفاق على عدم الوجوب قبل مخالفة ابن حزم، فقال ابن المنذر: ذكر كل من يحفظ عنه العلم من علماء الأمصار: أنه لا يجب على الرجل إخراج زكاة الفطر عن الجنين في بطن أمه، وممن حفظ ذلك عنه: عطاء بن أبي رباح ومالك وأبو ثور وأصحاب الرأي، وكان أحمد بن حنبل يستحب ذلك ولا يوجبه، ولا يصح عن عثمان خلاف ما قلناه. انتهى. وعن أحمد بن حنبل رواية أخرى بوجوب إخراجها عن الجنين» [المحلى (٤/ ٢٥٣)، طرح التثريب (٤/ ٨٤ - ط ابن الجوزي)] [وانظر: الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (٥/ ١٢٨)].
وأما الفقير: فهل عليه زكاة؟ الصحيح أن عليه زكاة لعموم الأحاديث الواردة في صدقة الفطر، فمن فضل عن نفقته ونفقة أولاده شيء أخرج الزكاة، وإن كان ممن يأخذها لفقره:
والأحاديث المرفوعة في الباب لا يثبت منها شيء صريح، ويأتي ذكرها في الباب الآتي.
وقد صح فيه: عن الحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، وابن شهاب الزهري، وقتادة [أخرجه ابن زنجويه في الأموال (٢٤٥٩ - ٢٤٦١)].
• قال الشافعي في الأم (٣/ ١٦٦ و ١٧٩): «ولا بأس أن يؤدي زكاة الفطر، ويأخذها إذا كان محتاجا»، وقال:«وليس على من لا عرض له، ولا نقد، ولا يجد قوت يومه: أن يستسلف زكاة» [وانظر مزيد بيان في موضع آخر من الأم (٣/ ١٦٩)، وفيه:«فإن لم يكن عنده إلا قوته وقوتهم فلا شيء عليه»].
وبه قال مالك. [انظر: التمهيد (١٤/ ٣٢٨)، الاستذكار (٣/ ٢٦٧)].
وقال أبو داود:«سمعت أحمد سئل عن الفقير عليه زكاة الفطر؟ قال: إذا كان عنده قوت يومه فما فضل عنه فليؤدي.
قيل لأحمد: ليس عنده؟ قال: ليس عليه شيء» [مسائل أبو داود (٦٠١)].
وقال ابن هانئ:«وسئل عن زكاة الفطر متى تجب على الرجل؟ قال: إذا كان عنده فضل قوت يوم أطعم» [مسائل ابن هانئ (٥٤٩)].
وقال ابن زنجويه (٢٤٦٤): «أحسن ما سمعنا في ذلك إلينا: أن الرجل إذا كان عنده يوم الفطر قوته وقوت عياله ليومهم وليلتهم، وما يؤدي زكاة الفطر عنهم، أداها عنه وعنهم، وإن لم يكن عنده إلا ما يؤدي عن نفسه أو عن بعضهم أداها، وإن لم يكن إلا قوته وقوتهم فلا شيء عليهم».
وقال ابن المنذر في الإقناع (١/ ١٨٢): «وصدقة الفطر واجبة على الأغنياء والفقراء،