الفطر؛ على الصغير والكبير، والذكر والأنثى، والحر والعبد؛ لكن هل صح شيء في الجنين في بطن أمه؟
أ - روى إسماعيل ابن علية [ثقة ثبت]، عن حميد [الطويل: ثقة]، عن بكر؛ أن عثمان كان يعطي صدقة الفطر عن الحبل.
أخرجه ابن أبي شيبة (٢/ ٤٣٢/ ١٠٧٣٧) (٦/ ٤٠٢/ ١١٠٤٧ - ط الشثري).
قلت: بكر هذا هو: ابن عبد الله المزني، وهو تابعي ثقة ثبت، من الطبقة الثالثة، مات سنة (١٠٦) أو (١٠٨)، ولم يدرك عثمان بن عفان.
• ورواه أحمد بن حنبل: ثنا المعتمر بن سليمان التيمي، عن حميد، عن بكر بن عبد الله المزني، وقتادة؛ أن عثمان بن عفان كان يعطي صدقة الفطر عن الصغير، والكبير، والحمل.
أخرجه عبد الله بن أحمد في مسائله عن أبيه (٦٤٤)، وانظر: المحلى لابن حزم (٤/ ٢٥٣).
قلت: ولا يثبت هذا عن عثمان؛ إنما هو مرسل بكر بن عبد الله المزني وقتادة: لم يدركا عثمان، وروايتهما عنه مرسلة.
• ورواه عبد الله بن المبارك، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، قال: قال عثمان في صدقة رمضان: عن الصغير والكبير، الحر والعبد، الذكر والأنثى، حتى ذكر الحمل؛ صاعاً من تمر، أو نصف صاع من بر، عن كل إنسان.
أخرجه ابن زنجويه في الأموال (٢٣٧٤).
وهذا مرسل أيضاً؛ أبو قلابة: لم يدرك عثمان.
• والحاصل: فإنه لا يثبت عن عثمان بن عفان في الحمل شيء.
ب - وروى إسماعيل ابن علية، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، ومعمر بن راشد [وهم ثقات، وفيهم أحد أثبت أصحاب أيوب]:
عن أيوب، عن أبي قلابة، قال: صدقة الفطر عن الصغير والكبير، والحر والمملوك، والذكر والأنثى، قال: إن كانوا ليعطون حتى يعطون عن الحبل.
أخرجه عبد الرزاق (٣/ ٣١٩/ ٥٧٨٨)، وابن أبي شيبة (٢/ ٣٩٨/ ١٠٣٦٢) (٦/ ٢٩١/ ١٠٦٥٤ - ط الشثري)، و (٢/ ٤٣٢/ ١٠٧٣٨) (٦/ ٤٠٣/ ١١٠٤٨ - ط الشثري).
وهذا مقطوع بإسناد صحيح.
ولا تثبت أحكام الشريعة بمثل هذا، فيلزم المكلف في ماله صدقة عن الحمل؛ ولم يثبت فيه شيء عن النبي ﷺ، ولا عن خلفائه الراشدين، ولا عن عامة الصحابة، وهو أمر لا ينفك عنه البشر، وما سكت عنه الشرع مع وجود المقتضي وانتفاء المانع؛ فإنه دال على العفو، ومن أخرج صدقة الفطر عنه بعد عهد النبوة فإنه اجتهاد منه، ورغبة منه في طلب الثواب، ولا حرج في ذلك، لكن لا يلزم المكلفون بمثل هذا، والله أعلم.