للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وأيضاً: فلأن القيمة لا اعتبار بها في صدقة الفطر؛ بدلالة زيادة قيمة التمر على الشعير، والزبيب على التمر، وهي مع ذلك متفقة في المقدار المعتبر فيها» [وانظر أيضاً: العدة في أصول الفقه للقاضي أبي يعلى (٥/ ١٥٠٢)].

وقال الخطيب في الكفاية (٤٢٣) بعد إيراد حديث أبي سعيد هذا مع أحاديث أخر: «قول الصحابي: كنا نقول كذا من ألفاظ التكثير، ومما يفيد تكرار الفعل والقول واستمرارهم عليه، فمتى أضاف ذلك إلى زمن النبي على وجه كان يعلم رسول الله فلا ينكره، وجب القضاء بكونه شرعاً، وقام إقراره له مقام نطقه بالأمر به، ويبعد فيما كان يتكرر قول الصحابة له وفعلهم إياه، أن يخفى على رسول الله وقوعه، ولا يعلم به، ولا يجوز في صفة الصحابي أن يعلم إنكاراً كان من النبي في ذلك ولا يرويه، لأن الشرع والحجة في إنكاره لا في فعلهم لما ينكره، وراوي ذلك إنما يحتج بمثل هذه الرواية في جعل الفعل شرعاً، ولا يمكن في صفته رواية الفعل الذي ليس بشرع، وتركه رواية إنكاره له الذي هو الشرع، فوجب أن يكون المتكرر في زمن الرسول مع إقراره: شرعاً ثابتاً؛ لما قلناه».

وقال ابن حجر في الفتح (٣/ ٣٧٣): «قوله: في زمان النبي ؛ هذا حكمه الرفع؛ لإضافته إلى زمنه ، ففيه إشعار باطلاعه على ذلك وتقريره له، ولا سيما في هذه الصورة التي كانت توضع عنده، وتجمع بأمره، وهو الآمر بقبضها وتفرقتها».

• وقد ذهب بعضهم إلى أن قوله: صاعاً من طعام، محمول على إرادة البر، مثل: الخطابي، وابن حزم، والبيهقي، وابن عبد البر [أعلام الحديث (٢/ ٨٢٩)، المحلى (٧/ ٤٠٩)، الاستذكار (٣/ ٢٦٩)].

ويرده رواية حفص بن ميسرة، عن زيد بن أسلم، عن عياض بن عبد الله بن سعد، عن أبي سعيد الخدري ، قال: كنا تخرج في عهد رسول الله يوم الفطر صاعاً من طعام.

وقال أبو سعيد: وكان طعامنا: الشعير، والزبيب، والأقط، والتمر.

أخرجه البخاري (١٥١٠).

ورواية أبي داود الطيالسي، قال: حدثنا زهير بن محمد، عن زيد بن أسلم، عن عياض، عن أبي سعيد، قال: كنا نخرج صدقة الفطر على عهد رسول الله صاعاً صاعاً، وإن كان طعامهم يومئذ التمر والزبيب.

أخرجه الطيالسي (٣/ ٦٧٢/ ٢٣٤٠)، وهو حديث صحيح.

قال أبو العباس الداني في كتاب الإيماء إلى أطراف الموطأ (٣/ ٢٧٣): «وهذا الحديث بين، مطابق لما رويناه عن الغساني؛ لأنه أطلق ذكر الطعام أولاً، وجعله اسماً للجنس، ثم قيد ذلك بتخصيص الأنواع الأربعة من سائر الجنس العام».

قلت: فلم يذكر من بين طعامهم يومئذ بالمدينة البر، وإن كان موجوداً؛ لقلته، فدل

<<  <  ج: ص:  >  >>