للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فقد روى جرير بن عبد الحميد، عن منصور بن المعتمر، عن إبراهيم النخعي، عن الأسود، عن عائشة قالت: إن أحبَّ إليَّ إذا وسَّع الله على الناس أن يتمُّوا صاعاً من قمح عن كل إنسان. وفي رواية: كان الناس يعطون زكاة رمضان نصف صاع، … .

أخرجه ابن أبي شيبة (٢/ ٣٩٧/ ١٠٣٥٧) (٦/ ٢٩٠/ ١٠٦٤٩ - ط الشثري)، وابن حزم في الإحكام (٧/ ١٣٧).

وهذا موقوف على عائشة بإسناد صحيح على شرط الشيخين.

وفيه إشعار بأنها قد علمت باجتهاد معاوية في ذلك، وأنها ترى أن السُّنَّة قد جاءت بإخراج صاع من الطعام، حتى لو كان من القمح، وقد حمله ابن حزم على الإنكار لفعل من فعل ذلك.

وكذلك ابن عمر أبى أن يتبع اجتهاد معاوية، فكان يخرج التمر؛ فلما أعوز أخرج الشعير، وقال أبو مجلز: قلت لابن عمر: قد أكثر الله الخير، والبر أفضل من التمر، فقال: إني أعطي ما كان يعطي أصحابي، سلكوا طريقاً فأريد أن أسلكه. [راجع حديث ابن عمر].

وابن عمر هنا يخبر أنه لم يكن وحده ممَّن يفعل ذلك، بل هو فعل صحابة رسول الله الذين لا يريد أن يخالفهم.

قال ابن حزم في المحلى (٤/ ٢٤٩): «فهذا ابن عمر قد ذكرنا أنه كان لا يخرج إلا التمر، أو الشعير، ولا يخرج البر، وقيل له في ذلك، فأخبر أنه في عمله ذلك على طريق أصحابه؛ فهؤلاء هم الناس الذين يُستوحش من خلافهم، وهم الصحابة ، بأصح طريق، وإنهم ليدعون الإجماع بأقل من هذا إذا وجدوه».

وقال ابن قدامة في المغني (٣/ ٨٤): «وإنما اختار أحمد إخراج التمر اقتداء بأصحاب رسول الله واتباعاً له»، ثم احتج بأثر أبي مجلز عن ابن عمر، ثم قال ابن قدامة: «وظاهر هذا أن جماعة الصحابة كانوا يخرجون التمر، فأحب ابن عمر موافقتهم، وسلوك طريقتهم، وأحب أحمد أيضاً الاقتداء بهم واتباعهم».

والثالث: أن ما كان يخرجه الصحابة في عهد النبي متفق في الكيل، وهو الصاع، لكنه مختلف في القيمة، إذ من المعلوم يقيناً اختلاف قيمة صاع التمر والشعير والزبيب والأقط؛ فدل على أن المقصود في الشرع إطعام الفقير طعاماً، وجعله متفقاً في الكيل، من جهة حصول النفع للفقير بهذه الكمية من الطعام، وأن القيمة لم تكن مقصودة لذاتها، وإلا لاختلف الكيل في هذه الأصناف تبعاً لقيمة الصنف الواحد منها، والله أعلم.

ولعل في كلام أبي سعيد حين قال: ما كنت لأعطي أبداً إلا صاعاً؛ ما يشعر بهذا المعنى.

قال ابن أبي زيد القيرواني في النوادر والزيادات (٢/ ٣٠١): «ومنه [يعني: المجموعة لابن عبدوس]، ومن كتاب ابن المواز: قال ابن القاسم: قال مالك: وتؤدَّى من القمح

<<  <  ج: ص:  >  >>