والحاصل: أن تتبع الدارقطني لهذا الحديث على مسلم لا وجه له، وأن مسلما قد أصاب في إخراجه في صحيحه، فهو حديث صحيح ثابت، والله أعلم.
ج - ورواه محمد بن عبيد الله بن المنادي [محمد بن عبيد الله بن يزيد أبو جعفر بن أبي داود ابن المنادي: ثقة]: ثنا أبو بدر شجاع بن الوليد [ثقة]: حدثنا أبو سعيد الذي كان يسكن الجزيرة، وهو: سابق، عن عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح، عن أبي سعيد الخدري؛ أنه قال: كنا نخرج زكاة الفطر يوم الفطر؛ صاع طعام، أو صاع تمر، أو صاعا من شعير، أو صاعا من زبيب، أو صاعا من أقط.
فلم نزل نخرجه حتى قدم علينا معاوية من الشام حاجا أو معتمرا وهو يومئذ خليفة، فخطب الناس على منبر رسول الله ﷺ فذكر زكاة الفطر، وقال: إني لأرى مدين من سمراء الشام تعدل صاعا من تمر، وكان ذلك أول ما ذكر الناس المدين.
أخرجه الدارقطني (٣/ ٧٧/ ٢٠٩٧)، والخطيب في الموضح (٢/ ١٦١)[في ترجمة سابق البربري]. [الإتحاف (٥/ ٣٨٣/ ٥٦٢٨)].
قلت: هذا حديث مستقيم المتن، رجاله كلهم ثقات، عدا سابق أبي سعيد نزيل الجزيرة، وقد اختلف فيمن هو، وهو: سابق بن عبد الله الرقي، روى عنه أهل حران، فقالوا: حدثنا سابق البربري، وهو الذي يروي عن مكحول، وعمرو بن أبي عمرو، ومطرف بن طريف، والعلاء بن عبد الرحمن، وغيرهم، وقد روى عنه جمع كبير من الثقات، مثل: عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، وأبي بدر شجاع بن الوليد السكوني، ومحمد بن سليمان بن أبي داود ويلقب: بومة، وموسى بن أعين، وغيرهم، وكان قد صحب عمر بن عبد العزيز، وكان يعظه بشعر الزهد والحكمة، قال ابن حبان:«سابق بن عبد الله، أبو سعيد البربري من أهل بربر، سكن الرقة، يروي عن مكحول، وعمرو بن أبي عمرو، روى عنه: الأوزاعي، وأهل الجزيرة»، وقال في المشاهير:«سابق بن عبد الله البربري أبو سعيد: من أهل حران، يغرب ويهم»، وقال أبو أحمد الحاكم:«أبو سعيد سابق بن عبد الله البربري، إمام مسجد الرقة، وقاضي أهلها»، وقال الخطيب:«سابق بن عبد الله الرقي، المعروف بالبربري، يكنى أبا سعيد»، وقال ابن العديم في بغية الطلب:«من أهل حران، وسكن الرقة، ويعرف بسابق البربري، شاعر مجيد له أشعار حسنة في الزهد والمواعظ، وله كلام في الحكم، وكان قاضيا بالرقة»، وقد فرق جماعة بين سابق الرقي وسابق البربري، وهما واحد، فرق بينهما: أبو حاتم الرازي، وابن عدي، وممن جعلهما واحدا: ابن حبان، وأبو أحمد الحاكم، والخطيب البغدادي، وابن ماكولا، وابن عساكر، وابن العديم، وغيرهم، وهو الصواب، وقد دلت روايات كثيرة على أن أبا سعيد سابقا البربري، كان إماما بالرقة، وقاضيها، قال ابن حبان في المشاهير:«سابق بن عبد الله البربري أبو سعيد: من أهل حران يغرب ويهم»، وقال ابن عدي بأن أحاديث الرقي مستقيمة عن مطرف وأبي حنيفة، وقال ابن حجر:«والرقي: ثقة» [التاريخ الكبير (٤/ ٢٠١)، الجرح