للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وهذا حديث صحيح، أخرجه مسلم في صحيحه، فلم يخف عليه هذا الطريق حتى يعترض به عليه.

• لكن فماذا يقال عن مخالفة محرز بن الوضاح لمعمر بن راشد في إسناده؟

قلت: يقال: أين محرز بن الوضاح من معمر في تثبته وضبطه وشهرته وكثرة مروياته، محرز بن الوضاح مروزي غريب، وثقه اثنان من أهل بلده المراوزة ممن روى عنه: محمود بن غيلان [مروزي، ثقة]، ومصعب بن بشر [مروزي، قال عنه الخليلي: «يروي عن الثوري غرائب لا يتابع عليها، وليس بذلك المرضي عندهم». الإرشاد (٣/ ٨٩٦)]، وذكره ابن حبان في الثقات [التهذيب (٤/٣٣) وأما معمر بن راشد فهو: ثقة ثبت متقن، بصري، سكن اليمن، بلغ شأواً عظيماً حتى روى عنه جماعة من الأئمة الحفاظ والثقات المكثرين من شيوخه، ومن أقرانه، وروى عنه خلق من الثقات، وهو أحد كبار الثقات المكثرين الذين يدور عليهم الإسناد في حديث رسول الله ، عده كذلك ابن المديني وأبو حاتم، وهو من أثبت الناس في الزهري وابن طاووس، وقال عنه ابن جريج: «عليكم بهذا الرجل؛ فإنه لم يبق أحد من أهل زمانه أعلم منه»، وكما قلت: هو مشهور بالرواية عن إسماعيل بن أمية مكثر عنه، فهو مقدم فيه على محرز بن الوضاح، وروايته عنه أصح. [انظر: التهذيب (٤/ ١٢٥)].

وعلى هذا فإن محرز بن الوضاح وإن زاد في الإسناد رجلاً؛ إلا أن رواية معمر أثبت وأقوى من روايته، لا سيما وقد صرح فيها بسماع إسماعيل بن أمية من عياض، وأنه ليس بينهما واسطة، ورواية معمر عندي هي المحفوظة بإسقاط الواسطة، حيث سمعه إسماعيل من عياض، ولتقدم معمر في إسماعيل، وهذا هو الوجه الثاني في رد اعتراض الدارقطني.

والوجه الثالث: أن الحديث وإن كان محفوظاً من وجه آخر عن ابن أبي ذباب، فلا يعني الجزم بخطأ رواية معمر عن إسماعيل، فرواية معمر أصل بنفسها، وهي رواية محفوظة عندنا حتى يأتي الخصم بدليل قوي على توهيم معمر فيه، بأن يعارضه من هو أثبت منه في إسماعيل بن أمية، ولا يوجد!

والوجه الرابع: إيراد معنى لا وجه له هنا، وهو الاعتراض بكون إسماعيل بن أمية يروي حديثاً آخر غير هذا، عن المقبري، عن عياض، عن أبي سعيد: «أخوف ما أخاف عليكم زهرة الدنيا»، ثم يقول الدارقطني عقيب ذلك: «ولا نعلم إسماعيل روى عن عياض شيئاً».

فيقال: هذا حديث سمعه إسماعيل من عياض بلا واسطة، وذاك حديث سمعه عنه بواسطة، فماذا كان؟ وما أكثر شيوخ المصنفين الذين رووا عنهم بواسطة، وقد سمعوا منهم أحاديث عدة بغير واسطة، كما أن عياض ابن أبي سرح ليس بذاك المكثر، فتجد هذا يروي عنه الحديث والحديثين، وهذا يروي عنه الحديث الواحد، وهكذا شأن المقلين، وعياض ليس له في الكتب الستة سوى ثمانية أحاديث عن أبي سعيد (٤٢٦٩ - ٤٢٧٦ - التحفة).

<<  <  ج: ص:  >  >>