هكذا اختلف عليه ثقات أصحابه، والمقدمون فيه.
وهذا مما يجعل النفس تتوقف عن قبول زياداته في هذا الحديث، دون بقية أصحاب أيوب وأثبت الناس فيه؛ لا سيما وقد خالف الثقات ممن روى هذا الحديث عن أيوب، ثم خالف الثقات ممن روى هذا الحديث عن نافع [في المحفوظ عنه]، في جعله من قول رسول الله ﷺ: «صدقة الفطر: صاع من شعير، أو صاع من تمر».
وقد انفرد في هذا الحديث دون بقية ثقات أصحاب أيوب، بثلاثة: جعله من قول رسول الله ﷺ، وانفراده بتعديل معاوية، وانفراده بزيادة: من المسلمين.
ولا أستبعد أن يكون أحمد بن حنبل قد أعرض عن حديث سفيان هذا، فلم يخرجه في مسنده؛ لما اشتمل عليه من زيادات، ولعل سفيان لم يحدثه بهذا الحديث، أو حدثه به على وجه آخر، فأعرض عنه، والله أعلم.
وإنما اقتصر أحمد في مسنده (٢/٥/٤٤٨٦)، على إخراج حديث ابن علية، فقال: حدثنا إسماعيل: أخبرنا أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، قال: فرض رسول الله ﷺ صدقة رمضان، على الذكر والأنثى، والحر والمملوك؛ صاع تمر، أو صاع شعير.
قال: فعدل الناس به بعد نصف صاع بر.
قال أيوب: وقال نافع: كان ابن عمر يعطي التمر؛ إلا عاماً واحداً أعوز التمر فأعطى الشعير.
هكذا بدون هذه الزيادات الثلاث، وهو الموافق لرواية جماعة الثقات من أصحاب أيوب.
كما أن أحمد لما أراد أن يدلل على عدم تفرد مالك بزيادة من المسلمين، ذكر رواية سعيد بن عبد الرحمن الجمحي عن عبيد الله بن عمر، ولم يذكر رواية ابن عيينة هذه.
وكذلك الترمذي لما ذكر تفرد مالك بهذه الزيادة، قال: «وزاد مالك في هذا الحديث من المسلمين.
وروى أيوب السختياني، وعبيد الله بن عمر، وغير واحد من الأئمة هذا الحديث، عن نافع، عن ابن عمر، ولم يذكروا فيه: من المسلمين».
هكذا جزم الترمذي بكون رواية أيوب السختياني [في المحفوظ عنه] خالية من هذه الزيادة، لم تثبت عنه من وجه صحيح.
وهذا فضلاً عن إعراض الشيخين عن حديث سفيان هذا، مع كونهما قد أخرجا في الصحيح لسفيان عن أيوب، لكنهما أخرجا هذا الحديث: من حديث حماد بن زيد [أخرجه البخاري (١٥١١)]، ومن حديث يزيد بن زريع [أخرجه مسلم (١٤/ ٩٨٤)]، كلاهما عن أيوب به بدون زيادات ابن عيينة، والله الموفق للصواب.
كما أن غالب ما أخرجه الشيخان لأيوب عن نافع عن ابن عمر؛ إنما كان من رواية