عن عمرو بن يحيى، عن عباس بن سهل بن سعد الساعدي، عن أبي حميد، قال: خرجنا مع رسول الله ﷺ غزوة تبوك، فأتينا وادي القرى على حديقة لامرأة، فقال رسول الله ﷺ:«اخرصوها»، فخرصناها، وخرصها رسول الله ﷺ عشرة أوسق، وقال:«أحصيها حتى نرجع إليك، إن شاء الله» [وفي رواية وهيب: «أحصي ما يخرج منها»]، وانطلقنا، حتى قدمنا تبوك، فقال رسول الله ﷺ:«ستهب عليكم الليلة ريح شديدة، فلا يقم فيها أحد منكم، فمن كان له بعير فليشدّ عقاله»، فهبَّت ريح شديدة، فقام رجل فحملته الريح حتى ألقته بجبلي طيئ، وجاء رسولُ ابنِ العَلماء، صاحب أيلة، إلى رسول الله ﷺ بكتاب، وأهدى له بغلةً بيضاء، فكتب إليه رسول الله ﷺ، وأهدى له برداً، [وقال وهيب: وأهدى ملك أيلة للنبي ﷺ بغلة بيضاء، وكساه برداً، وكتب له ببحرهم]، ثم أقبلنا حتى قدمنا وادي القرى، فسأل رسول الله ﷺ المرأة عن حديقتها:«كم بلغ ثمرها؟»، فقالت: عشرة أوسق [زاد وهيب: خرص رسول الله ﷺ].
فقال رسول الله ﷺ:«إني مسرع فمن شاء منكم فليسرع معي، ومن شاء فليمكث»، [وفي رواية وهيب:«إني متعجل إلى المدينة، فمن أراد منكم أن يتعجل معي، فليتعجل»]، فخرجنا حتى أشرفنا على المدينة، فقال:«هذه طابة، وهذا أحد؛ وهو جبل يحبنا ونحبه».
ثم قال:«إن خير دور الأنصار: دار بني النجار، ثم دار بني عبد الأشهل، ثم دار بني عبد الحارث بن الخزرج، ثم دار بني ساعدة، وفي كل دور الأنصار خير». [هذا لفظ سليمان بن بلال، وهو: ثقة مدني، وروايته أولى من رواية وهيب البصري؛ حيث تردد في الأخيرين أيهما خير؟، دور بين ساعدة، أو دور بني الحارث بن الخزرج، وفي رواية سليمان قرينة على ضبطه للترتيب حين أخر دار بني ساعدة].
فلحقنا سعد بن عبادة، فقال أبو أسيد: ألم تر أن رسول الله ﷺ خير دور الأنصار، فجعلنا آخراً، فأدرك سعد رسول الله ﷺ، فقال: يا رسول الله خيرت دور الأنصار، فجعلتنا آخراً، فقال:«أوليس بحسبكم أن تكونوا من الخيار».
أخرجه بتمامه، أو بطرف منه: البخاري (١٤٨١ و ١٨٧٢ و ٣١٦١ و ٣٧٩١ و ٤٤٢٢)، ومسلم في كتاب الحج (٥٠٣/ ١٣٩٢)، وفي كتاب الفضائل (١٢ و ١١/ ١٣٩٢)، وأبو عوانة (١٨/٤٨ - ٥٥/ ١٠٠٧٢ - ١٠٠٧٦)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (٤/ ٥٤/ ٣٢١٤)، وأبو داود (٣٠٧٩)، والدارمي (٢٦٩٠ - ط البشائر)، وابن خزيمة (٤/٤٠/٢٣١٤)، وابن حبان (١٠/ ٣٥٥/ ٤٥٠٣) و (١٤/ ٦٥٠١/ ٤٢٧)، وابن الجارود (١١٠٩)، وأحمد (٥/ ٤٢٤)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في الأموال (١٤٤٠)، وابن أبي شيبة (٧/ ٣٧٠٠٦/ ٤٢٢)، وابن زنجويه في الأموال (٢٠٠١)، وابن شبة في تاريخ المدينة (١/ ٨٢ و ١٦٤)، والبزار (٩/١٧١/٣٧٢٢)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (٣/ ٢٢٠/ ٣٥٥ -