للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قلت: وفي هذين النقلين ما يدل على ضبطه لما يرويه عن يحيى بن سعيد الأنصاري، وأن له به مزيد عناية واختصاص، لكن قال عبد الرحمن بن مهدي: «ما رأيت أحداً لم يكتب الحديث أحفظ من حماد بن زيد، ولم يكن عنده كتاب إلا جزء ليحيى بن سعيد، وكان يخلط فيه» [الجرح والتعديل (١/ ١٧٨) و (٣/ ١٣٨)].

وفي هذا النقل ما يدل على وقوع بعض الأوهام له عن يحيى بن سعيد.

وقد وجدت حماد بن زيد كثيراً ما يوافق الجماعة من أصحاب يحيى بن سعيد، ولا يخالفهم، مما يدل على أن أكثر حديثه عن يحيى بن سعيد على الاستقامة، والله أعلم.

لكن رأيت أبا حاتم إذا خالف حماد بن زيد جماعة في يحيى بن سعيد؛ قدم قول الجماعة إذا زادوا في الإسناد رجلاً قصر حماد بإسقاطه، أو أوقفوا مرفوعاً، تفرد حماد برفعه [العلل (٤٦٠ و ١٠٨٤ و ١٣٥١)].

ورأيت الدارقطني يقدم قول حماد بن زيد على مالك؛ إذا زاد حماد رجلاً في الإسناد [علل الدارقطني (١٣/ ٢٠٥/ ٣٠٩٤)].

وأحياناً يكون المرجح عند الاختلاف بعض القرائن المحتفة بالواقعة دون الكثرة في العدد، وإتقان الرواة وضبطهم، كما في حديث عمير بن سلمة الضمري في قصة البهزي وصيد غير المحرم. [انظر: علل الدارقطني (١٣/ ٢٨٧/ ٣١٨٢)].

وأحياناً يكون يحيى بن سعيد الأنصاري، هو الذي يخص بعض تلاميذه بالشيء دون بقية أصحابه، ينشط أحياناً فيخص به بعضهم.

وأما هذا الحديث في قصة عمر مع الخراص: فإن في رواية حماد بن زيد زيادة في الإسناد، تفرد بها دون بقية من روى الحديث عن يحيى بن سعيد من الثقات على كثرتهم، وقد وقع في المتن وهم يدل على عدم الضبط للرواية، حيث جعل الخارص لعمر هو سهل بن أبي حثمة، وإنما بعث عمر أباه أبا حثمة خارصاً، كذا في رواية الجماعة، وكذا في كلام المؤرخين أن الخارص على عهد عمر كان أبا حثمة. [انظر: الجرح والتعديل (٦/ ٣٢١)، الاستيعاب (٤/ ١٦٢٩)، بيان الوهم (٥/ ٥٤٧)، أسد الغابة (٦/ ٦٦)، تهذيب الأسماء واللغات (٢/ ٢١١)، تاريخ الإسلام (٢/ ٤٤٨)، إكمال التهذيب لمغلطاي (٦/ ١٣٠)، الإصابة (٧/ ٧٣)]، والله أعلم.

وهذه قرينة تدل على عدم الضبط في الرواية، وأن رواية كبار الحفاظ، مثل سفيان الثوري وهشيم ويزيد بن هارون ومن تبعهم من الثقات: هي المحفوظة، والله أعلم. وعليه: فإن أثر عمر هذا في سنده انقطاع، والله أعلم.

وهو ضعف يسير، يحتمل معه تقوية حديث سهل بن أبي حثمة في ترك الثلث أو الربع في الخرص، وهو قدر ما يأكل أصحاب الحائط ويهدون جيرانهم، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>