إنسان مار، فأمر بالتخفيف لهذا المعنى، والله أعلم. [انظر: المنتقى للباجي (٢/ ١٦٠)، المسالك شرح الموطأ (٤/ ١٠٠)].
وأما ما ذهب إليه ابن القطان الفاسي من ردّ هذا الحديث؛ بناء على تجهيل عبد الرحمن بن مسعود بن نيار؛ فإنه لا يتابع عليه لما تقدم ذكره من قبول حديثه هذا عند عامة الأئمة الذين خرجوه واحتجوا به، أو صححوه، ولم يصفه أبو حاتم بالجهالة، وقد عرفه البزار، وذكره ابن حبان في الثقات، قال ابن القطان في بيان الوهم (٤/ ٢١٥/ ١٧٠٧) بعد حكاية كلام البزار في كون ابن نيار معروفاً: «وهذا غير كاف فيما يبتغى من عدالته، فكم من معروف غير ثقة، والرجل لا تعرف له حال، ولا يعرف بغير هذا، ولم يزد ذاكروه على ما أخذوا من هذا الإسناد من روايته عن سهل، ورواية خبيب بن عبد الرحمن عنه، ولم يتعرض الترمذي لهذا الحديث بقول؛ لا تصحيح ولا تحسين ولا تسقيم، فاعلم ذلك».
[تابع ابن القطان على ذلك: الذهبي في المغني (٣٦٣٢)، والميزان (٢/ ٥٨٩)]، ولم يرتض كلامه ابن عبد الهادي فتعقبه في المحرر (٥٧٤) بقوله: «كذا قال، وفيه نظر».
قلت: أما ما يبتغى من عدالته وتوثيقه فقد حصل لنا منه القدر الكافي بقبول الأئمة لهذا الحديث، وعدم إنكارهم له، واحتجاجهم به في باب الخرص، وترك ما يأكل أهل الحائط فلا يحسب عليهم في الزكاة، وبتصحيح جماعة من المصنفين لهذا الحديث، كل ذلك توثيق ضمني له، وهو كافٍ في مثله، وبهذا نكون قد عرفنا حاله في هذا الحديث بعينه، من جهة قبوله، والعمل بما دل عليه، ولو كان الترمذي مضعفاً له لما سكت عنه، فدل على دخوله عنده في دائرة الاحتجاج حيث لم يصرح بضعفه عنده، وقد ساق ذكر من احتج بالحديث وعمل به، والحاصل: أن هذا الحديث مقبول بقرائن تدل على ثبوته، منها ما تقدم، ومنها ما سيأتي من شاهد وأثرين، وإن كان في أسانيدها شيء، لكنها مما تصلح في الشواهد، والله أعلم.
• والحاصل: فإن حديث سهل بن أبي حثمة: حديث حسن، والله أعلم.
• وقد روى عبد الله بن شبيب: حدثني عبد الجبار بن سعيد: حدثني محمد بن صدقة: حدثني محمد بن يحيى بن سهل بن أبي حثمة، عن أبيه، عن جده سهل بن أبي حثمة، أن رسول الله ﷺ بعثه خارصاً فجاء رجل إلى رسول الله ﷺ، فقال: يا رسول الله إن أبا حثمة قد زاد عليَّ في الخرص، فدعاه رسول الله ﷺ فقال:«إن ابن عمك يزعم أنك زدت عليه في الخرص»، فقلت: يا رسول الله لقد تركت له قدر خُرفة أهله، وما يُطعم المساكين، فقال رسول الله ﷺ:«قد زادك ابن عمك وأنصف».
قال الدارقطني:«عبد الله بن شبيب: ليس بقوي» [الإتحاف (٦/ ٧٣/ ٦١٤٩)].
وقال ابن القطان في بيان الوهم (٥/ ٥٤٩/ ٢٧٧٦): «هذا لا يصح، فإن محمد بن يحيى، ومحمد بن صدقة الفدكي، وعبد الجبار بن سعيد المساحقي: لا تعرف أحوالهم، وكلهم مدني.