كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود

٣ - كتاب الزكاة - ١٤ - باب في الخرص - ج: 20 - ص: 236

يحسب عليهم، فقال عن مالك منكراً عليه: «ولم يعرف مالك قدر هذه الآثار»؛ كالمحتج بها عليه، ويدل على صحة هذا التصرف منه، أن ختم بحثه بقوله: «والظاهر مع الشافعي والآثار».

وقال في التمهيد (٦/ ٤٧٢) أيضاً: «وهذا الحديث حجة على من أنكر الخرص للزكاة».

وقال ابن القطان في بيان الوهم (٥/ ٥٤٩/ ٢٧٧٦) عن سهل بن أبي حثمة: «فإني لا أبعد أن يكون ذلك مما تلقاه من أبيه، ولعله سمع ذلك آخر حياة النبي ﷺ يقوله لأبيه، فإنه كان خارص النبي ﷺ، أو لغيره».

وقال النووي في المجموع (٥/ ٤٧٩): «رواه أبو داود والترمذي والنسائي، وإسناده صحيح؛ إلا عبد الرحمن: فلم يتكلموا فيه بجرح ولا تعديل، ولا هو مشهور، ولم يضعفه أبو داود، والله تعالى أعلم».

وقال البوصيري في إتحاف الخيرة (٣/ ٤٢٢/ ٣٠١٩): «هذا إسناد صحيح». وانظر: الحاوي للمارودي (٣/ ٢٢٢).

• قلت: هذا الحديث رجاله جميعاً ثقات، رجال الشيخين؛ عدا عبد الرحمن بن مسعود بن نيار الأنصاري، قال أبو حاتم: «سمع سهل بن أبي حثمة، سمع منه: خبيب بن عبد الرحمن»، ولم يصفه أبو حاتم بالجهالة، وقال البزار: «ولا نعلم يروي هذا الحديث عن سهل إلا عبد الرحمن بن نيار، وهو معروف»، وذكره ابن حبان في الثقات، وأخرج حديثه هذا في صحيحه [الجرح والتعديل (٥/ ٢٨٥)، الثقات (٥/ ١٠٤)].

كما أن الراوي عنه: خبيب بن عبد الرحمن بن خبيب الأنصاري أبو الحارث المدني: تابعي، ثقة، من الطبقة الرابعة، أخرج له الجماعة، وروى عنه جماعة من كبار الحفاظ.

وقد احتج بهذا الحديث: أحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وابن زنجويه، وأبو داود، والنسائي، والدارمي، والطحاوي، وابن حزم، والبيهقي، وابن عبد البر، وصححه ابن خزيمة وابن حبان وابن الجارود، والحاكم.

ولا أعلم أحداً طعن في هذا الحديث من طبقة هؤلاء الأئمة.

وكل ذلك توثيق ضمني لعبد الرحمن بن مسعود بن نيار الأنصاري، لا سيما والراوي عنه: تابعي ثقة، وشيخه الصحابي سهل بن أبي حثمة مقل من الحديث، له في الكتب الستة ستة أحاديث [التحفة (٤٦٤٤ - ٤٦٤٩)]، ولم يأت ابن نيار في حديثه بما ينكر، فقد جرت العادة أن ما يأكله أهل البيت في حائطهم، وكذلك ما يهدونه لجيرانهم؛ إما الربع أو الثلث، وتقدير ذلك يرجع إلى الخارص بحسب ما يرى من حال أهل البيت، وذلك معقول من جهة المعنى: أن التخفيف في الأموال مشروع؛ لأن صاحب الحائط يكون له الجار المسكين، فلا بد أن يطعمه ويهدي إليه، ولا يكاد أن يسلم حائط من أكل طائر وأخذ