٨١٣٠ - (خ م ت) مسروق [بن الأجدع]- رحمه الله - قال:«قلتُ لعائشة: يا أمتاه، هل رأى محمد ربَّه؟ فقالت: لقد قفَّ شعري مما قلتَ، أيْنَ أنتَ من ثلاث من حدَّثكهن فقد كذَب، من حدَّثك أنَّ محمداً رأى ربَّه فقد كذَب، ثم قرأتْ:{لا تُدْرِكُهُ الأبصارُ وهو يُدْرِكُ الأبصارَ وهو اللطيفُ الخبير}[الأنعام: ١٠٣] و {وما كان لِبَشَرٍ أن يُكَلِّمَهُ اللهُ إلا وحياً أو مِنْ وراء حجاب أو يرسلَ رسولاً}[الشورى: ٥١] ومن حدَّثك أنه يعلم ما في غد، فقد كذَب، ثم قرأتْ:{وما تدري نَفْسٌ ماذا تكسبُ غداً}[لقمان: ٣٤] ومن حدَّثك أنه كتم، فقد كذبَ، ثم قرأت {يا أيُّها الرسول بلِّغْ ما أُنْزِلَ إليك من ربك ... } الآية [المائدة: ٦٧] ولكنَّه رأى جبريلَ عليه السلام في صورته مرتين» .
وفي رواية قال: قلتُ لعائشة: «فأين قوله: {ثم دنا فتدَّلى. فكان قاب قوسين أو أدنى}[النجم: ٨ – ٩] ؟ قالت: ذاك جبريل عليه السلام، كان يأتيه في صورة الرجل، وإنَّه أتاه هذه المرة في صورته، التي هي صورته، فسدَّ الأفق» .
وفي أخرى: ومن حدَّثك أنَّه يعلم الغيب، فقد كذَب، وهو يقول: لا يعلم الغيبَ إلا الله.
وفي أخرى: أن مسروقاً قال: كنتُ متَّكئاً عند عائشة، فقالت: ⦗٥٦٢⦘ يا أبا عائشة، ثلاث من تكلَّم بواحدة منهنَّ فقد أعظم على الله الفِرْيةَ، قلتُ: ما هن؟ قالت: من يزعم أن محمداً رأى ربَّه فقد أعظم على الله الفرية، قال: وكنتُ متكئاً فجلستُ، فقلتُ: يا أمَّ المؤمنين، أنظريني ولا تُعْجليني، ألم يقل الله عز وجل:{ولقد رآه بالأفق المبين}[التكوير: ٢٣] ؟ {ولقد رآه نَزْلةً أُخرى}[النجم: ١٣] ؟ فقالت: أنا أوَّلُ هذه الأمة سأل عن ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقال: إنما هو جبريل لم أره على صُورتِهِ التي خُلقَ عليها غيرَ هاتين المرتين، ورأيته مُنَهبِطاً من السماء، سادَّاً عِظَمُ خَلْقِهِ ما بين السماء إلى الأرض، فقالت: أو لم تسمعْ أنَّ الله يقول: {لا تُدْرِكهُ الأبصارُ وهو يدرك الأبصارَ وهو اللطيف الخبير}[الأنعام: ١٠٣] ؟ أولم تسمع أن الله يقول:{وما كان لبشر أن يُكَلِّمَهُ الله إلا وَحياً أم مِنْ وراء حجاب أو يرسلَ رسولاً} إلى قوله: {عليٌّ حكيم}[الشورى: ٥١] قالت: ومن زَعَمَ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- كتم شيئاً من كتاب الله فقد أعظم على الله الفرية، والله تعالى يقول:{يا أيُّها الرسول بَلِّغ ما أُنْزِلَ إليك من ربِّك وإن لم تفعلْ فما بلَّغْتَ رسالته}[المائدة: ٦٧] قالت: ومن زعم أنه يخبر بما يكون في غد فقد أعظم على الله الفرية، والله تعالى يقول:{قل لا يعلم مَن في السماوات والأرض الغيبَ إلا الله}[النمل: ٦٥] » .
زاد في رواية «قالت: ولو كان محمد كاتماً شيئاً مما أُنزِلَ عليه لكتم هذه ⦗٥٦٣⦘ الآية: {وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمتَ عليه أمْسِكْ عليك زَوجَكَ واتَّقِ الله وتُخْفي في نفسك ما الله مُبدِيه وتخشى الناسَ والله أحقُّ أن تخشاه}[الأحزاب: ٣٧] » أخرجه البخاري ومسلم.
وللبخاري طرَفٌ منه عن القاسم عن عائشة قالت:«من زعم أن محمداً رأى ربَّه فقد أعظم، ولكن قد رأى جبريل في صورته وخَلْقِهِ سادّاً ما بين الأفق» .
وأخرج الترمذي الرواية التي أولها قال:«كنتُ متكئاً عند عائشة»(١) .
وقد أخرج الترمذي رواية لهذا الحديث بزيادة في أولها، وهي مذكورة في تفسير (سورة والنجم) من «كتاب تفسير القرآن» في حرف التاء.
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(قفَّ شعري) قفَّ الشعر: إذا قام في منابته، وأكثر ما يعرض عند سماعِ ما يخافه الإنسان أو يهابه ويعاينه.
(الفرية) : اختلاق الكذب.
(١) رواه البخاري ٨ / ٢٠٦ في تفسير سورة المائدة، باب {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} ، وفي بدء الخلق، باب ذكر الملائكة، وفي تفسير سورة {والنجم} ، في فاتحتها، وفي التوحيد، باب قول الله تعالى: {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً} ، ومسلم رقم (١٧٧) في الإيمان، باب معنى قول الله عز وجل: {ولقد رآه نزلة أخرى} ، والترمذي رقم (٣٠٧٠) في التفسير، باب ومن سورة الأنعام.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية] صحيح: أخرجه أحمد (٦/٢٣٦) قال: حدثنا يزيد. قال: أخبرنا داود عن عامر. وفي (٦/٢٤١) قال: حدثنا محمد بن أبي عدي، عن داود، عن الشعبي. والبخاري (٤/١٤٠) قال: حدثني محمد بن يوسف. قال: حدثنا أبو أسامة. قال: حدثنا زكرياء بن أبي زائدة، عن ابن الأشوع، عن الشعبي. وفي (٦/٦٦و ٩/١٤٢ و ١٩٠) قال: حدثنا محمد بن يوسف. قال: حدثنا سفيان، عن إسماعيل، عن الشعبي. وفي (٦/١٧٥) قال: حدثنا يحيى. قال: حدثنا وكيع، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عامر. وفي (٩/١٩٠) قال: وقال محمد: حدثنا أبو عامر العقدي. قال: حدثنا شعبة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي. ومسلم (١/١١٠ و١١١) قال: حدثني زهير بن حرب. قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن داود، عن الشعبي. (ح) وحدثنا محمد بن المثنى. قال: حدثنا عبد الوهاب. قال: حدثنا داود، بهذا الإسناد، نحو حديث ابن علية. (ح) وحدثنا ابن نمير. قال: حدثنا أبي. قال: حدثنا إسماعيل، عن الشعبي. (ح) وحدثنا ابن نمير. قال: حدثنا أبو أسامة. قال: حدثنا زكرياء، عن ابن أشوع، عن عامر. والترمذي (٣٠٦٨) قال: حدثنا أحمد بن منيع، قال: حدثنا إسحاق ابن يوسف. قال: حدثنا داود بن أبي هند، عن الشعبي. وفي (٣٢٧٨) قال: حدثنا ابن أبي عمر، قال: حدثنا سفيان، عن مجالد، عن الشعبي. والنسائي في الكبرى تحفة الأشراف (١٢/١٧٦٠٦) عن إبراهيم بن يعقوب، عن جعفر بن عون، عن سعيد بن أبي عروبة، عن أبي معشر، عن إبراهيم بن يزيد النخعي. وفي الكبرى تحفة الأشراف (١٢/١٧٦١٣) عن محمد بن المثنى، عن عبد الوهاب الثقفي، عن داود، عن عامر. (ح) وعن محمد بن مثنى، عن ابن أبي عدي وعبد الأعلى ويزيد بن زريع. ثلاثتهم - عن داود، عن عامر -. (ح) وعن عمرو بن علي، عن يزيد بن زريع، عن داود، عن عامر. كلاهما - عامر الشعبي، وإبراهيم النخعي - عن مسروق، فذكره. وبلفظ: «من زعم أن محمدا -صلى الله عليه وسلم- رأى ربه،» . أخرجه البخاري (٤/١٤٠) قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن إسماعيل، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، عن ابن عون، قال: أنبأنا القاسم، فذكره.