٦٦٤٧ - (م) أبو برزة الأسلمي - رضي الله عنه - أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- «كان في مَغزى له، فأفاءَ الله عليه، فقال لأصحابه: هل تَفْقِدُون من أحد؟ قالوا: نعم، فلاناً وفلاناً وفلاناً، ثم قال: هل تَفْقِدون من أحد؟ ⦗٩٨⦘ قالوا: نعم، فلاناً وفلاناً [وفلاناً] ، ثم قال: هل تَفْقِدُون من أحد؟ قالوا: لا، قال: لكنِّي أفْقِدُ جُلَيْبِيباً، فاطْلُبوه، فطُلب، فوُجد في القتلى، فوجدوه إلى جنب سَبْعة قد قتلهم ثم قتلوه، فأتى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم-، فوقف عليه، ثم قال: قتلَ سبعة ثم قتلوه، هذا منِّي، وأنا منه [هذا مني، وأنا منه] قال: فوضعه على ساعِدَيهِ، ليس له سرير إلا ساعِدَا النبيِّ - صلى الله عليه وسلم-، قال: فحُفِر له ووُضع في قبره، ولم يذكر غَسْلاً» أخرجه مسلم (١) .
قال الحميديُّ: وهو طرف من حديث طويل قد أخرجه البرقاني، وأوَّل حديثه «أن جُلَيْبِيباً كان امرءاً من الأنصار، وكان يدخل إلى النساء، ويتحدَّث إليهن، قال أبو برزة: فقلت لامرأتي: لا يدخلْ عليكن جليبيب، وكان أصحابُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- إذا كان لأحدهم أيِّم لم يُزوِّجْها حتى يَعْلَم ألِرَسول الله - صلى الله عليه وسلم- فيها حاجة، أما لا؟ فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- ذات يوم لرجل من الأنصار: يا فلان، زوِّجْني ابنتَك، قال: نعم ونُعْمة عين، قال: إني لست لنفسي أُريدها، قال: فلمَن؟ قال: لجليبيب، قال: يا رسول الله، حتى أسْتَأمِرَ أمَّها، فأتاها، فقال: إنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- يخطب ابنتكِ، قالت: نعم، ونُعْمَةُ عين، نُزَوِّجُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم-، قال: إنه ليس لنفسه يريدها، قالت: فلمن يريدها؟ قال: لجليبيب، قالت: حَلْقَى، لجليبيب ⦗٩٩⦘ الابنةُ؟ لا، لعَمْرُ الله، لا أزوِّجُ جُليْبيباً، فلما قام أبوها لِيأتي النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- قالت الفتاةُ من خِدْرها لأبويها: مَن خطبني إليكما؟ قالا: رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-، قالت: أفَتَرَدُّونَ على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- أمْره؟ ادْفَعُوني إلى رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- فإنه لن يُضَيِّعَني، فذهب أبوها إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم-، فسأله؟ فقال: شأنُك بها، فَزوَّجَها جُليبياً.
قال حماد: قال إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة لثابت: هل تدري ما دعا لهما به؟ قال: اللهم صُبَّ الخيرَ عليهما صَبّاً، ولا تجعل عيشهما كَدّاً.
قال ثابت: فزوّجها إياه، فبينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في مَغْزى له، فأفاء الله عليهم، فقال: هل تَفْقِدُون من أحد؟ ... فذكر نحو مسلم» وقال في آخره: قال ثابت: «فما كان في الأنصار أيِّم أنْفَقُ منها»(٢) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(أفاء الله عليه) أي: أعطاه فيئاً، وهو ما يحصل للمسلمين من أموال الكفار وأهلهم وديارهم بغير قتال ولا حرب.
(أيِّم) الأيّم: المرأة التي لا زوج لها، بكراً كانت أو ثيباً.
(حَلْقى) : كلمة يدعى بها على الإنسان، وأصلها: أن يصاب بوجع في ⦗١٠٠⦘ حلقه، والمحدِّثون يروونه غير منون، وهو عند أهل اللغة منون.
(كَدّاً) : الكدُّ: الشدة والتعب.
(١) رقم (٢٤٧٢) في فضائل الصحابة، باب من فضائل جليبيب رضي الله عنه، ورواه أيضاً أحمد في " المسند " ٤ / ٤٢١. (٢) رواه أحمد في " المسند " ٤ / ٤٢٢، وإسناده صحيح، وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل في آخر الحديث: ما حدث به في الدنيا إلا حماد بن سلمة، ما أحسنه من حديث.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية] صحيح: أخرجه أحمد (٤/٤٢١) قال: حدثنا سليمان بن داود. وفي (٤/٤٢٢) قال: حدثنا عفان. وفي (٤/٤٢٥) قال: حدثنا عبد الصمد. ومسلم (٧/١٥٢) قال: حدثنا إسحاق بن عمر بن سليط. والنسائي في فضائل الصحابة (١٤٢) قال: أخبرنا عبد الله بن الهيثم، قال: حدثنا هشام بن عبد الملك. خمستهم - سليمان، وعفان، وعبد الصمد، وإسحاق، وهشام - قالوا: حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن كنانة بن نعيم العدوي، فذكره. * رواية سليمان، وإسحاق، وهشام مختصرة على: قصة الغزو. * قال أبو عبد الرحمن، عبد الله بن أحمد بن حنبل عقب رواية عفان: ما حدث به في الدنيا أحد إلا حماد بن سلمة ما أحسنه من حديث.