٦١٧٣ - (خ م) أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال:«لمَّا فرغَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - من حُنين بعثَ أبا عامر على جيش إلى أوْطاس، فلَقيَ دُرَيدَ بنَ الصِّمَّة، فقُتل دريد، وهزمَ الله أصحابه، قال أبو موسى: وبعثني مع أبي عامر، فرُمِي أبو عامر في رُكْبَتِهِ، رماه جُشَمِيّ بسهم، فأثبتَهُ في رُكْبتِهِ، وانتهيتُ إِليه، فقلتُ: يا عمُّ، من رَمَاك؟ فأشار إلى أبي موسى، فقال: ذاك قاتلي الذي رماني، فقصدتُ له فلحقتُه، فلما رآني وَلَّى، فاتّبعتُه وجعلتُ أقول له: ألا تستحي؟ ألا تَثْبُتُ؟ فَكَفّ، فاختلفنا ضربتين بالسيف، فقتلتُه، ثم قلتُ لأبي عامر: قَتَلَ الله صاحبَك، قال: فَانْزِعْ هذا السهم، فنزعتُه، فَنَزى منه الماءُ، فقال: يا ابن أخي، أقْرِئ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - السلام، وقل له: يستغفر لي، واستخلفَني أبو عامر على الناس، فمكث يسيراً ثم مات، فرجعتُ، فدخلتُ على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في بيته على سرير مُرْمَل وعليه فراش قد أثَّر رِمَال السرير بظهره وجَنْبَيْه، فأخبرتُه بخبرنا وخبرِ أبي عامر، وقلت له: قال لي: قل له: يَسْتَغْفِرْ لي، فدعا بماء، فتوضأ، ثم رفع يديه، وقال: اللهم اغفِرْ لِعُبَيد، أبي عامر، حتى رأيتُ بياضَ إبطيه، ثم قال: اللهم اجعله يومَ القيامة فوقَ كثير من خلقك، أو من الناس، فقلتُ: وَليَ فاستغفرْ فقال: اللهم اغفرْ لعبد الله بن قيس ذنبَهُ، وأدخله يوم القيامة مُدْخلاً كريماً ⦗٤١١⦘ قال أبو بردة: إحداهما لأبي عامر، والأخرى لأبي موسى» . أخرجه البخاري ومسلم.
وفي لفظ مسلم: رماه رجل من بني جُشَم، وفيه:«فلما رآني وَلَّى عَنِّي ذاهباً، فلحقتُه، فجعلتُ أقول له: ألا تستحي؟ ألستَ عربِيّاً؟ ألا تَثْبُتُ؟» وفيه «انطلقْ إلى رسولِ الله، فأقرِئْه مني السلام، وقل له: يقول لك: استغفرْ لي» .
ورأيتُ في كتاب البخاري «فوقَ كثير من خَلْقِكَ وأمَنِّ الناسِ (١) » وقد ضبطها وقَيَّدها، وذلك بخلاف الوارد في الكتب (٢) .
[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
(فأَثْبَتَهُ) أي: حَبَسه بالطعنة التي طعنها، أو الرمية.
(فنزا) نزا منه الماء، أي: وثب، يعني: خرج الماء من جرحه.
(على سرير مرْمَل) سريرُ مُرمَل: قد نُسِجَ وجهه بالسَّعَف، يقال: أرمَلتُ النّسج أرمُلُه: إذا باعَدْتَ بين الأشياء المنسوج بها، فهو مُرمَل، ورماله: ما نسج في وجهه من ذلك، ويقال: رَملتُهُ لغة في أرْمَلتُهُ، ورمَّلته: ⦗٤١٢⦘ شدد للكثرة، والرمال - بكسر الراء - بمعنى مرمول، وهو جمع رمل، كقوله تعالى:{هذا خَلْقُ الله} أي: مخلوقه.
(١) الذي في نسخ البخاري المطبوعة: فوق كثير من خلقك من الناس. (٢) رواه البخاري ٨ / ٣٤ و ٣٥ في المغازي، باب غزوة أوطاس، وفي الجهاد، باب نزع السهم من البدن، وفي الدعوات، باب الدعاء عند الوضوء، ومسلم رقم (٢٤٩٨) في فضائل الصحابة، باب من فضائل أصحاب الشجرة أهل بيعة الرضوان.
[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية] صحيح: أخرجه البخاري (٤/٤١، ٥/١٩٧، ٨/١٠١) قال: حدثنا محمد بن العلاء. ومسلم (٧/١٧٠) قال: حدثنا عبد الله بن بَرَّاد أبو عامر الأشعري. وأبو كُريب محمد بن العلاء. والنسائي في الكبرى (تحفة الأشراف) (٩٠٤٦) عن موسى بن عبد الرحمن المسروقي. ثلاثتهم - أبو كريب محمد بن العلاء، وأبو عامر، وموسى بن عبد الرحمن - عن أبي أسامة، عن بُريد بن عبد الله بن أبي بُردة، عن أبي بُردة، فذكره.