ذكرُ الواقعة صاحبُ «البحر» في كتاب «الحج»، وقال: هذا الوجه الثالث لا يُتصوَّر في الحج (١)، وكان قَدَّمَ قبله اختلافًا بين أصحابنا بخراسان فيما إذا قال: أَحُجُّوا عني رجلًا بألف، وأُجرةُ المثل دون الألف = على وجهين، أحدهما: لا يُحَجُّ إلا بأجرة المثل؛ لأنه لم يُعيِّن ذلك الرجل، حتى يكون الباقي وصيّة له، والثاني: أنه وصيّةٌ لشخص موصوف (٢) بأن يحج عنه بأن يُدفع إليه كلُّ الألف، فتُعتبر الزيادة (٣) من (٤) الثلث) (٥).
قلت: وبهذا جزم الرافعي، وأما قوله:«إنَّ الثالث لا يجيء في الحج» فقد يُمنع، ويقال: يَحُجُّ عنه اثنان حَجَّتين في عامين، بل في عام واحد، فإن صاحب «البحر» نفسه قال تبعا للماوردي فيمن عليه حجة الإسلام وحَجَّةٌ منذورة، فاستأجر رجلين في عام واحد (٦): «إنه يحتمل وجهين، أحدهما: اعتبار أسبقهما إجارة وإذنا، فينعقد إحرامه بحجة الإسلام، وما بعده بحجة النذر، والثاني: يحتسب الله بإحداهما عن حَجَّة الإسلام لا بعينها، والأخرى عن النذر»(٧).
ولكن هذا من الروياني كلام فارغ من صحةِ حَجَّتين في عام واحدٍ من
= أنه يُشترى بالجميع حنطة قطعاً ويتصدق بها، وإنما يتجه التردد إذا كان وقت الوصية سعر القفيز عشرة، وقد يُفرَّق بين أن يكون الموصي عالماً بسعر الوقت أو جاهلا، فإن كان عالما بالرُّخص كان موصيا لبائع الحنطة، وإلا اشتري بالجميع حنطة، والله أعلم). (١) قوله: (وقال: هذا الوجه الثالث لا يتصور في الحج) زيادة من ز، ك، ص، ق. (٢) زاد في ص: (بصفة وهو). (٣) في ص: (فتعتبر إذا خرجت الزيادة على أجرة المثل). (٤) في ظ ١، ظ ٢: (مع)، وساقط من م، س، والمثبت من بقية النسخ. (٥) انظر: بحر المذهب: (٤/ ٣٠)، الوسيط: (٤/ ٤٦٤). (٦) زاد في ص: (فأحرما عنه تبعا). (٧) انظر: بحر المذهب: (٤/ ٢٥).