وجب القطع، مع حكايته الخلاف في سرقة الغني من مال المصالح.
قلت: وصواب الكلام أن يقال: كما أنَّ المضطر يأكل مال الغير بشرط الضمان، ولا يصير ذلك شُبهةً في القطع (١) إذا سرق ماله في غير حالة الاضطرار، وكذا ذكره في «التهذيب»(٢)، وإياه أراد الرافعي، والفرق بين هذا اللفظ والمتقدم قبله - وإن اشتركا في القلق - أنَّ هذا تبين المراد منه، وذاك لم يتبيَّن منه مراد يصح عليه اللفظ.
ومثله: قال في «باب الهدنة» فيما إذا هاجرت إلينا منهم مسلمة، وتوجهت إليهم منا مرتدَّةٌ مهرها أكثر من مهر التي هاجرت:«صرفنا مقدار مهر المهاجرة إلى زوجها، والباقي إلى زوج المرتدة»(٣). هذه عبارته، واعترضها الشيخ زين الدين ابن الكتناني (٤) بأنَّ هذا الحكم غلط، وأقول: ليس إلا غموضا في العبارة، وصوابها: قاصصنا بمقدار مهر المهاجرة، وطالبنا زعيمهم بالفاضل، فإذا جاء دفعناه مع القدر الذي قاصصنا به إلى زوج المرتدة.
والحاصل: أنه إذا لم يتساو المقداران فالفاضل لنا نطالب زعيمهم به، كما أنَّ الفاضل لهم نرسله إليهم، هذا مراد الرافعي، وبه صرح الماوردي فقال: «إن استويا في القدر برئت الذمَّتان، وإن فضَلَ لنا رجعنا بالفضل عليهم، وإن فضل لهم دفعنا الفضل إليهم، ودفع الإمامُ ما قاصصهم به من بيت المال إلى مستحقه
(١) زاد في ظ ١ بخط صغير: (كما)، وليست في سائر النسخ، ولا يظهر وجهها في السياق. (٢) انظر: التهذيب: (٧/ ٣٩٧). (٣) انظر: روضة الطالبين: (١٠/ ٣٤٨). (٤) هو: عمر بن أبي الحرم بن عبد الرحمن بن يونس زين الدين أبو حفص ابن الكتناني الدمشقي، توفي سنة: ٧٣٨ هـ، انظر: طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة: (٢/ ٢٧٦).