للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واعلم أن ابن الرفعة استنبط الهدم من نص (١) الشافعي على أنَّ الخمر التي تجب إراقتها إذا خللت بصنعة آدمي لا يسقط وجوب الإراقة، بل يدام (٢) وجوب الإراقة، قال: «وما ذاك إلا نظرًا لاستحقاق الإزالة (٣) قبل ذلك» (٤).

قال الشيخ الإمام: «وهو استنباط جيد»، قال: «ولا يَرِدُ عليه أنَّ العلة تحريمُ التخليل، بخلاف البيع؛ لأنَّا نقول: إنَّ التحريم خاص بمن تعاطى التخليل»، قال: «وأيضا فإنَّ المشتري يحِلُّ محَلَّ البائع، فمتى استحق الهدم على البائع استُحِقَّ على المشتري، ولا يقال: إنَّ العلَّةَ زالت وهي ملك الكافر؛ لأنَّا نقول: لو كان الملك علَّةً لا متنع إبقاء ما اشتراه من مسلم، وإنما العلة بناء الكافر؛ لِما فيه من غيظ المسلمين، ولا يرد إذا أسلم وهي على ملكه بعد البناء؛ لأنَّ الإسلام يجُبُّ ما قبله، ولأجل عدم التنفير عن الإسلام»، انتهى. ذكره في «باب الغصب».

وقد يقال على استنباط ابن الرفعة: لو أنَّ عِليَّة الإراقة بعد زوال الخمرية وجوبها قبل ذلك، ولا مدخل للتخليل؛ لوجبت الإراقة فيما إذا تخللت بنفسها، لكن هذا ضعيف، فإنها إذا تخللت بنفسها طهرت، محترمة كانت أو غير محترمة، والطاهر لا يُراق، إنما الكلام في النجس.


(١) في ك، ق: (لفظ).
(٢) كذا في ظ ١، وفي بقية النسخ: (يدوم).
(٣) في ق: (الإراقة).
(٤) جاء في حاشية ١: (قلت: ورُفع إليَّ أيام قضائي ذمّي علا بناءه على جاره المسلم، فألزمته بالنقض، وولى ذاهبًا مع أمين لي ليفعل، فدعوته وقلتُ له: إن أسلمت أقررت بناءك على حاله، وعرضت عليه الإسلام وحببته إليه؛ فأسلم، وكان عندي بعض توقف في تقريره بعد الحكم بهدمه، ثم زال بحمد الله، وثلج قلبي للتقرير).

<<  <   >  >>