• ورواه يحيى بن أبي طالب: ثنا عبد الوهاب بن عطاء الخفاف، قال: سئل سعيد بن أبي عروبة: عن أمر الرجل يرجع في هبته، فأخبرنا عن قتادة، عن خلاس، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال:«العائد في هبته كالعائد في قيئه».
أخرجه الخرائطي في مساوئ الأخلاق (٥٠٠).
قلت: هذا حديث غلط؛ ليس هذا من حديث ابن أبي عروبة عن قتادة، عن خلاس، عن أبي هريرة.
فقد رواه يزيد بن زريع، ومحمد ابن أبي عدي، وعيسى بن يونس، وغندر محمد بن جعفر:
عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب، عن ابن عباس. [وهو حديث متفق عليه تقدم في طرق حديث ابن عباس].
ولعل الوهم فيه من يحيى بن أبي طالب، وهو يحيى بن جعفر بن الزبرقان وثقه الدارقطني وغيره، وتكلم فيه جماعة، مثل: أبي داود؛ فقد خطّ على حديثه، وموسى بن هارون؛ فقد كذبه، وأبي أحمد الحاكم؛ حيث قال:«ليس بالمتين». [انظر: اللسان (٨/ ٤٢٣ و ٤٥٢)، الجرح والتعديل (٩/ ١٣٤)، الثقات (٩/ ٢٧٠)، سؤالات الحاكم (٢٣٩)، تاريخ بغداد (١٤/ ٢٢٠)، السير (١٢/ ٦١٩)].
والحاصل: فهو حديث مشهور من حديث: عوف بن أبي جميلة، عن خلاس بن عمرو، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ.
وهذا إسناد رجاله ثقات؛ إلا أنه منقطع، خلاس بن عمرو الهجري: ثقة، وكان يرسل، من الثانية، سمع عماراً وعائشة، قال أحمد:«لم يسمع خلاس من أبي هريرة شيئاً» [التاريخ الكبير (٣/ ٢٢٧)، سؤالات الآجري (٩٠٢)، جامع التحصيل (١٧٥)، تحفة التحصيل (٩٦)، التهذيب (١/ ٥٥٨)، الميزان (١/ ٦٥٨)].
وخلاس يدخل بينه وبين أبي هريرة أبا رافع الصائغ. [انظر: صحيح مسلم (٤٣٩)، سنن أبي داود (٣٦١٦ و ٣٦١٨)، سنن النسائي (١/ ١٧٧)، سنن ابن ماجه (٩٩٨ و ٢٣٢٩ و ٢٣٤٦،) صحيح ابن خزيمة (٣/٢٥/١٥٥٥)، مستدرك الحاكم (١/ ٢٧٤)، سنن الدارقطني (١/ ٦٥ و ٣٨٢ و ٤١٢) و (٤/ ٢١١)، وغيرها].
وأما قول الذهبي في الميزان:«لكن روايته عن أبي هريرة في البخاري»؛ فليس دليلاً على إثبات السماع، فإن البخاري قد روى له مقروناً بابن سيرين والحسن في الإسناد، ولا يعني هذا سماعه من أبي هريرة؛ لا سيما مع تصريح الإمام أحمد بعدم سماعه، ومع روايته عن أبي هريرة بواسطة أبي رافع الصائغ [صحيح البخاري (٣٤٠٤ و ٤٧٩٩) و (٦٦٦٩)]. وفي الجملة فهو انقطاع يسير؛ لا سيما مع شهرة الحديث، وهو شاهد صالح لحديث ابن عباس، والله أعلم.