قلت: وهذا حديث صحيح، له شاهد من حديث بريدة عند مسلم (١١٤٩) [ويأتي تخريجه عند أبي داود برقم (١٦٥٦)].
• ورواه أبو أسامة حماد بن أسامة [ثقة ثبت]، عن حسين بن ذكوان المعلم [ثقة]، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده؛ أن رجلاً تصدق على ولده بأرض، فردها إليه الميراث، فذكر ذلك لرسول الله ﷺ، فقال له:«وجب أجرك، ورجع إليك مالك».
أخرجه النسائي في الكبرى (٦/ ١٠٤/ ٦٢٨٦)، وابن خزيمة (٤/ ١٠٨/ ٢٤٦٥)، وأبو يعلى في مسنده الكبير (٣/ ٤٤٣/ ٣٠٥٧ - إتحاف الخيرة). [التحفة (٦/٤٢/٨٦٩١)، الإتحاف (٩/ ٤٨٧/ ١١٧٣٤)، المسند المصنف (١٧/ ٢١٣/ ٨٠٦٥)].
قلت: وهذا حديث صحيح، له شاهد من حديث بريدة عند مسلم (١١٤٩) [ويأتي تخريجه عند أبي داود برقم (١٦٥٦)].
قال الطحاوي في الشرح: أفلا ترى أن رسول الله ﷺ قد أباح للمتصدق صدقته لما رجعت إليه بالميراث، ومنع عمر بن الخطاب ﵁ من ابتياع صدقته، فثبت بهذين الحديثين إباحة الصدقة الراجعة إلى المتصدق بفعل الله، وكراهة الصدقة الراجعة إليه بفعل نفسه.
وقال في المشكل: فكان في هذا إباحة رسول الله ﷺ للمتصدق ملك صدقته بالميراث، وإباحته ذلك له، وفيما روينا قبله منعه عمر من ابتياع صدقته، فوجب بتصحيح هذه الآثار عن رسول الله ﷺ، أن تكون إعادة المتصدق صدقته بالابتياع، وبما أشبهه من الأشياء التي تكون منه كالقبول لها في هبة له، أو في صدقة عليه، أو فيما سوى ذلك من وجوه التمليكات؛ مكروهاً له، وأن إعادة الله ﷿ إياها إلى ملكه بتوريث له إياها عن من تصدق بها عليه غير مكروه له، إذ لم يكن ذلك بارتجاعه إياها، وإنما كان ذلك بإعادة الله ﷿ إياها إليه.
• وبهذا يتبين نكارة حديث عريف بني سريع.
• فإن قيل: لم رددت حديث المجهول في هذا الموضع، وقبلته في مواضع أخرى؟ فيقال: سبق أن قررت أن حديث المجهول لا يقبل بإطلاق، ولا يرد بإطلاق، والعبرة فيه باستقامة الرواية أو بنكارتها، وقد تبين لنا هنا نكارة هذه الرواية لاشتمالها على ألفاظ وسياق لم يتابع عليه؛ بل قد ثبت خلافه من حديث عبد الله بن عمرو، وقد سبق أن قررت: أن حديث المجهول لا يقبل ولا يردُّ لمجرد كون راويه مجهولاً، وإنما العبرة في ذلك بالقرائن الدالة على كون المجهول حفظ الحديث، ووافق فيه الثقات، أم أنه خالفهم، وأتى فيه بما ينكر عليه.
[وقد سبق الكلام مراراً عن حديث المجهول، وأن حديثه إذا كان مستقيماً فإنه يكون مقبولاً صحيحاً؛ وذلك في فضل الرحيم الودود (٨/ ٣٥٣/ ٧٥٩)، وانظر أيضاً فيما قبلته أو رددته من حديث المجهول: فضل الرحيم الودود (٨/ ٥١٠/ ٧٨٨) و (٨/ ٥٤٥/ ٧٨٨) و (٨/