والثاني: أن شيخ النهدي في رواية سليمان التيمي رجل مجهول، ولو كان صحابياً، أو رجلاً معروفاً لصرح به البزار، والله أعلم.
والحاصل: فإن كلام البزار على هذا الحديث يؤيد ما ذهبت إليه، في كون شيخ النهدي غير معروف، والله أعلم.
وقال أبو جعفر الطحاوي: «فاختلف سليمان وعاصم في الرجل الذي حدث أبو عثمان بهذا الحديث عنه، كما ذكرنا من اختلافهما فيه».
ولم يخرج الطبراني في ترجمة أبي عثمان النهدي عن ابن عباس، سوى هذا الحديث.
• خالفه: يونس بن محمد المؤدب [ثقة ثبت]: نا حماد بن سلمة، عن عاصم الأحول، عن أبي عثمان النهدي، عن ابن عامر؛ أن الزبير حمل على فرس في سبيل الله، فوجد فرسان من ولدها تباع؛ فنهي أن يشتريها.
أخرجه الهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (٥١)، ومن طريقه: الضياء في المختارة (٣/ ٦٥/ ٨٧١).
قلت: لو كانت رواية المؤدب هي المحفوظة عن حماد بن سلمة [ولم نأخذ في الاعتبار قول البزار بإعلال رواية سريج بمن رواه عن حماد عن عاصم عن أبي عثمان مرسلاً]؛ لعادت رواية حماد عن عاصم الأحول إلى رواية سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، عن عبد الله بن عامر؛ أن الزبير حمل على فرس في سبيل الله، غير أن عاصماً الأحول لم يسم ابن عامر، واكتفى بنسبته.
• وعلى كلا الاحتمالين؛ فلا يثبت الحديث:
فإما أن يرجع حديث حماد بن سلمة عن عاصم؛ إلى حديث التيمي عن أبي عثمان. وتكون العلة فيه حينئذ: جهالة شيخ أبي عثمان.
وإما أن نرجح الإرسال في حديث حماد عن عاصم، ويكون عاصم بذلك قد أرسله، بينما رواه التيمي بإسناد فيه رجل غير معروف؛ فلا يثبت الحديث أيضاً.
• خالفهم جميعاً: مؤمل بن إسماعيل، قال: نا شعبة، عن عاصم الأحول، عن أبي عثمان النهدي، عن عمر بن الخطاب، قال: أعطيت ناقة في سبيل الله، فأردت أن أشتري من نسلها، أو قال: من ضئضئها، فسألت النبي ﷺ، فقال: «دعها حتى تجيء يوم القيامة هي وأولادها جميعاً في ميزانك».
أخرجه الطبراني في الأوسط (٢/ ٧٠/ ١٢٨١)، ومن طريقه: الضياء في المختارة (١/ ٢٣٧/ ٣٤٥)، بإسناد صحيح إلى مؤمل به.
قال الطبراني: «لم يرو هذا الحديث عن شعبة إلا مؤمل».
قلت: هو حديث غريب من حديث شعبة، تفرد به عنه: مؤمل بن إسماعيل، وهو: صدوق، كثير الغلط، كان سيئ الحفظ، ولو كان معروفاً من حديث شعبة لما أغفل ذكره الدارقطني حين أورد الاختلاف في هذا الحديث، والله أعلم.