فصدقتهم حتى مررتُ بأحد رجل منهم، وكان منزله وبلده من أقرب منازلهم إلى رسول الله ﷺ بالمدينة، قال: فلما جمع لي ماله لم أجد عليه فيه إلا ابنة مخاض، قال: فقلت له: أد ابنة مخاض، فإنها صدقتك، فقال: ذاك ما لا لبن فيه، ولا ظهر، وايم الله ما قام في مالي رسول الله ﷺ، ولا رسول له قبلك، وما كنت لأقرض الله من مالي ما لا لبن فيه، ولا ظهر، ولكن خذ هذه ناقةً فتية عظيمة سمينة فخذها، فقلت: ما أنا بآخذ ما لم أؤمر به، وهذا رسول الله ﷺ منك قريب، فإما أن تأتيه فتعرض عليه ما عرضت علي، فافعل فإن قبله منك قبله، وإن ردَّ عليك ردَّه، قال: فإني فاعل. فخرج معي، وخرج بالناقة التي عرض علي حتى قدمنا على رسول الله ﷺ، فقال له: يا نبي الله أتاني رسولك ليأخذ صدقة مالي، وايم الله ما قام في مالي رسول الله، ولا رسول له قط قبله، فجمعت له مالي، فزعم أن ما عليَّ فيه ابنة مخاض، وذلك ما لا لبن فيه، ولا ظهر، وقد عرضت عليه ناقة فتية عظيمة سمينة ليأخذها، فأبى علي، وها هي ذه قد جئتك بها يا رسول الله، فخذها، فقال رسول الله ﷺ:«ذلك الذي عليك، وإن تطوعت بخير، آجرك الله فيه، وقبلناه منك»، قال: فها هي ذه يا رسول الله قد جئتك بها، فخذها، قال: فأمر رسول الله ﷺ بقبضها، ودعا له في ماله بالبركة.
قال ابن إسحاق: وحدثني عبد الله بن أبي بكر، عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن، أن عمارة بن عمرو بن حزم، قال: فضرب الدهر من ضربه، حتى إذا كانت ولاية معاوية بن أبي سفيان، وأمر مروان بن الحكم على المدينة، بعثني مصدقاً على بلي، وعذرة، وجميع بني سعد بن هذيم من قضاعة، قال: فمررت بذلك الرجل، وهو شيخ كبير في ماله، فصدقته بثلاثين حقة فيها فحلها، على ألف بعير وخمسمائة بعير.
قال ابن إسحاق: فنحن نرى أن عمارة لم يأخذ معها فحلها إلا وهي سنة، إذا بلغت صدقة الرجل ثلاثين حقةً ضم إليها فحلها
• ورواه زهير بن حرب [ثقة ثبت حافظ] نا يعقوب: حدثني أبي، عن أبي إسحاق: حدثني عبد الله بن أبي بكر، عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة، عن عمارة بن عمرو بن حزم قال: حين كانت ولاية معاوية، وأمر مروان على المدينة، بعثني مصدقاً على جميع بني سعد بن هذيم بن قضاعة.
أخرجه البخاري في التاريخ الأوسط (١/ ١٦٣/ ٧٤٦)، ومن طريقه: ابن عساكر في تارخ دمشق (٤٣/ ٣٢١).
• ولم ينفرد به إبراهيم بن سعد [وهو: ثقة حجة، أثبت الناس في ابن إسحاق]:
أ - فقد رواه عبد الرحمن بن صالح الأزدي [ثقة]، قال: حدثني يونس بن بكير [كوفي، صدوق]، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة، عن عمارة بن عمرو بن حزم، عن أبي بن كعب، قال: بعثني النبي ﷺ على صدقة بلي وعذرة، فمررت برجل من