وقال ابن ماكولا في الإكمال (٤/ ٢٩٨): «وأما سعر بكسر السين المهملة وآخره راء؛ فهو: سعر بن سوادة، هو القائل: كنت عسيفاً لعقيلة من عقائل العرب.
وسعر الدؤلي، قال الدارقطني وعبد الغني: له صحبة، روى عنه ابنه جابر بن سعر، الله قلت وروى عنه مسلم بن شعبة البكري وعلي بن زيد، وكان في زمن النبي ﷺ، وجاءه: رسول رسول الله ﷺ».
هكذا فرق بينهما الدارقطني وتبعه ابن ماكولا.
وقال ابن عساكر في تاريخ دمشق (٢٠/ ٤٠٩): «سعر بن سوادة العامري: قدم الشام تاجراً، وعاين ملك آل جفنة بأعمال دمشق، حدَّث عن مصدقي النبي ﷺ، روى عنه مسلم بن شعبة البكري، وأبو عتوراة الخفاجي».
قلت: الصواب التفريق بينهما، وقد عده في الصحابة ابن أبي عاصم، وأبو القاسم البغوي، وابن حبان وابن قانع، والطبراني، والدارقطني وابن منده، وأبو نعيم، وابن عبد البر، وغيرهم، وهو ظاهر صنيع البخاري في «التاريخ»، لذا عده ابن حبان فيمن له صحبة من كتابه «الثقات».
فإن لم يكن صحابياً؛ فهو مخضرم وابنه جابر بن سعر جهالته محتملة حيث روى ما توبع عليه، تابعه مسلم بن شعبة، وفي الجملة: فهو حديث حسن.
ويمكن تلخيص أسانيد هذا الحديث كالآتي:
أ - زكريا بن إسحاق، قال: حدثني عمرو بن أبي سفيان، قال: حدثني مسلم بن شعبة؛ أن نافع بن علقمة استعمل أباه على عرافة قومه، قال مسلم: فبعثني أبي إلى مصدقه في طائفة من قومي، قال: فخرجت حتى آتي شيخاً يقال له: سعر [وفي رواية: سعر بن ديسم]، في شعب من الشعاب، فقلت: إن أبي بعثني إليك لتعطيني صدقة غنمك، فقال: أي ابن أخي، وأي نحو تأخذون؟ فقلت: نأخذ أفضل ما نجد فقال الشيخ: إني لفي شعب من هذه الشعاب في غنم لي، إذ جاءني رجلان مرتدفان بعيراً، فقالا: إنا رسولا الله رسول ﷺ، بعثنا إليك لتؤتينا صدقة غنمك، قلت: وما هي؟ قالا: شاة، فعمدت إلى شاة، قد علمت مكانها، ممتلئة مخاضاً - أو: نحاضاً - وشحماً، فأخرجتها إليهما، فقالا: هذه شافع، وقد نهانا رسول الله ﷺ أن نأخذ شافعاً - والشافع: التي في بطنها ولدها ـ، قال: فقلت فأي شيء تأخذان؟ قالا: عناقاً، أو جذعةً، أو ثنيةً [وفي رواية: عناقاً؛ جذعة أو ثنية، قال: فأخرج لهما عناقاً، قال: فقالا: ادفعها إلينا. فتناولاها، وجعلاها معهما على بعيرهما.
وهذا إسناد مكي متصل، سمع رجاله بعضهم من بعض، وهو إسناد لا بأس به.
ب - عبد الله بن المبارك، قال: حدثنا عمرو بن أبي سفيان الجمحي؛ أن جابر بن سعر الديلي من كنانة أخبره؛ أن أباه أخبره؛ قال: كنت في غنم لي [بالمخمص]، فأتاني