وهذه الرواية ضعيفة، لا تقاوم الحديث الصحيح الذي سبق ذكره من رواية أنس، وابن عمر، عن أبي بكر، وعمر.
وروى شعبة، وسفيان، حديث عاصم بن ضمرة، عن علي، ووقفاه على علي، ولم يرفعاه.
وفي حديث عاصم ما هو متروك باتفاق أهل العلم، وهو أنه قال: في خمس وعشرين من الإبل خمس شياه، وفي ست وعشرين بنت مخاض، ولم يقل به أحد من أهل العلم».
• وقد سبق الكلام مفصلاً عن ترجمة أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي: في فضل الرحيم الودود (١٤/ ٥٨ - ٦٩/ ١٢٧٢).
ومما قلت هناك: عاصم بن ضمرة صدوق فيما رواه عنه أبو إسحاق السبيعي؛ لكنه أحياناً ينفرد عن علي بأحاديث منكرة، لم يتابع عليها، بل قد خولف فيها؛ ثم ذكرت منها حديث الصدقات.
* والحاصل: فإن حديث أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي موقوفاً عليه: حديث صحيح؛ لكن وقع الغلط في ثلاثة مواضع منه:
• الموضع الأول: قوله في صدقة الإبل: «في خمس وعشرين خمس شياه، فإذا كانت ستاً وعشرين ففيها ابنة مخاض»، وهذا مخالف لما ثبت في الأحاديث الصحيحة، وفيها: إذا بلغت خمساً وعشرين ففيها بنت مخاض.
• الموضع الثاني: قوله: «إذا زادت الإبل على عشرين ومائة استؤنف بها الفريضة بالحساب الأول»؛ يعني: يُرجع بها إلى الغنم، وأن في كل خمس من الإبل شاة.
وهذا مخالف لما ثبت في الأحاديث الصحيحة، ولما ثبت في نفس حديث أبي إسحاق من طريق شعبة، وشريك، ومعمر وأبي الأحوص، وزهير، وفيها: فإذا زادت على عشرين ومائة، ففي كل خمسين حقة، وفي كل أربعين ابنة لبون.
• الموضع الثالث: أنه إذا أخذ المصدق من الإبل سناً فوق سن، ردَّ عليهم عشرة دراهم أو شاتين، وإذا أخذ سناً دون سن ردُّوا عليه عشرة دراهم أو شاتين.
وهذا مخالف لما ثبت في الأحاديث الصحيحة، من أن الرد يكون بشاتين أو عشرين درهماً، وليس عشرة دراهم.
قلت: والحمل في المسألة الأولى والثالثة على عاصم بن ضمرة، وأما استئناف الفريضة فهو وهم وقع في رواية سفيان الثوري، والله أعلم.
وكثير من الحفاظ أحالوا في حديث علي ﵁ بالغلط على عاصم بن ضمرة، والله أعلم.
* وبناء على ذلك: فإذا استثنينا المسائل التي أخطأ فيها عاصم على ﵁، يبقى ما تبقى من الحديث صحيحاً، سالماً من العلة، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.