للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

مع ما روينا عنها فيما تقدم ما يدل على وجوب الزكاة في مال اليتامى، وفي ذلك تضعيف ما روي عنها مرفوعا وموقوفا، والله أعلم.

فإسناد المرفوع والموقوف عنها في وجوب الزكاة: «لا يقاوم رواية القاسم بن محمد». وقال في المعرفة (٦/ ١٤٣/ ٨٣٠٣): «وكيف يصح هذا القول مع حديث عائشة إن كان ذكر الورق فيه محفوظا؟ غير أن رواية القاسم بن محمد وابن أبي مليكة عن عائشة؛ في تركها إخراج الزكاة من الحلي، مع ما ثبت من مذهبها إخراج الزكاة عن أموال اليتامى، يوقع وهما في هذه الرواية المرفوعة، فهي لا تخالف النبي فيما روته عنه إلا فيما علمته منسوخا، والله أعلم».

وقال ابن عبد البر في الاستذكار (٣/ ١٥٣): «ولكن حديث عائشة في الموطأ بإسقاط الزكاة عن الحلي: أثبت إسنادا، وأعدل شهادة، ويستحيل في العقول أن تكون عائشة تسمع مثله من هذا الوعيد في ترك زكاة الحلي وتخالفه، ولو صح ذلك عنها علم أنها قد علمت النسخ من ذلك».

وقال أبو بكر ابن العربي في القبس شرح الموطأ (٤٦٣): أدخل مالك حديث القاسم عن عائشة أنها كانت تلي بنات أخيها يتامى فلا تخرج من حليهن الزكاة، ليبين بذلك بطلان الحديث المروي عن عائشة ، أنها قالت: دخل علي رسول الله وفي يدي فتخ - وهي الخواتم -، فقال: ما هذا؟ فقلت: صنعتها أتزين بها لك، فقال: «أتؤدين زكاتها؟»، قلت: لا، قال: «هي حسبك من النار».

فبين مالك أن هذا لو سمعته من النبي ؛ لما تركت إخراج الزكاة من هذا الحلي، وقصد بذلك أيضا الرد على أهل العراق، في أن الراوي إذا أفتى بخلاف ما رواه سقطت روايته [وكذا قال أيضا في المسالك (٤/٣٢)].

قلت: سيأتي ذكر الموقوف على عائشة ضمن الموقوفات فيمن قال: ليس في الحلي زكاة، حيث روى القاسم بن محمد، وابن أبي مليكة، وعمرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة؛ أنها كانت تحلي بنات أخيها الذهب، وكانت لا تخرج زكاته.

وهو ثابت عن عائشة بأسانيد صحيحة، وهو مما يقدح في صحة حديث يحيى بن أيوب هذا، ويدل على أنه من مناكيره التي لا تحتمل.

ومما يؤكد نكارته أيضا: أن الزهري وهو ممن روى عن جماعة من أصحاب عائشة حديثها، فإنه لم يكن عنده في هذا الحديث إسناد يصيح به:

فقد رو داود بن رشيد [ثقة]، قال: حدثنا محمد [هو: ابن حرب الخولاني الحمصي: ثقة]، عن الزبيدي محمد بن الوليد: ثقة من أثبت الناس في الزهري، عن الزهري؛ أن امرأتين من أهل اليمن أتنا رسول الله تبايعانه، وفي أيديهما سواران من ذهب، فقال رسول الله : «أتحبان أن يسوركما الله بسوارين من نار؟»، قالتا: لا، قال: «فأديا زكاته».

<<  <  ج: ص:  >  >>