قال ابن حبان:«إذا روى عمرو بن شعيب عن طاوس وابن المسيب عن الثقات غير أبيه؛ فهو ثقة؛ يجوز الاحتجاج بما يروي عن هؤلاء، وإذا روى عن أبيه عن جده: ففيه مناكير كثيرة، لا يجوز الاحتجاج عندي بشيء رواه عن أبيه عن جده، … »، إلى أن قال:«لولا كراهة التطويل لذكرت من مناكير أخباره التي رواها عن أبيه عن جده، أشياء يستدل بها على وهن هذا الإسناد، … »، ثم ذكر بعض مناكيره، وعد منها هذا الحديث، وكلها من طريق ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب به، ثم قال:«في نسخة كتبناها عنه طويلة، لا ينكر من هذا الشأن صناعته أن هذه الأحاديث موضوعة أو مقلوبة، وابن لهيعة: قد تبرأنا من عهدته في موضعه من هذا الكتاب».
قال النووي في المجموع (٦/٣٣): «وهذا التضعيف الذي ضعفه الترمذي بناه على انفراد ابن لهيعة والمثنى بن الصباح به، وليس هو منفرداً، بل رواه أبو داود وغيره من رواية حسين المعلم كما ذكرنا عن عمرو بن شعيب، وحسين ثقة بلا خلاف، روى له البخاري ومسلم، ورواه النسائي من رواية خالد بن الحارث مرفوعاً كما سبق، ومن رواية معتمر بن سليمان مرسلاً، ثم قال: خالد بن الحارث أثبت عندنا من معتمر، وحديث معتمر أولى بالصواب، والله تعالى أعلم».
قلت: قد رواه ثلاثة من الأئمة بإسناد صحيح إلى عمرو بن شعيب، فلم يقبلوه، بل ردُّوه، وهم: أبو عبيد، والنسائي، والبيهقي.
بل نقل البيهقي في المعرفة (٦/ ١٤١/ ٨٢٩٠) تضعيفه عن الشافعي، فقال:«قال الشافعي في القديم: وقال بعض الناس: في الحلي زكاة، وروى فيه شيئاً ضعيفاً»، ثم قال البيهقي:«وكأنه أراد ما أخبرناه أبو بكر بن الحارث الأصبهاني الفقيه، … »، ثم ساق الحديث من طريق أبي أسامة عن حسين بن ذكوان، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، ثم من طريق حجاج بن أرطأة، ثم قال:«حسين المعلم أوثق من الحجاج، غير أن الشافعي رَحِمَ الله كان كالمتوقف في روايات عمرو بن شعيب، إذا لم ينضم إليهما ما يؤكدها، لما قيل في رواياته عن أبيه عن جده؛ أنها من صحيفة كتبها عبد الله بن عمرو، وقد ذكرنا في كتاب الحج وغيره ما يدل على صحة سماع عمرو من أبيه من جده عبد الله بن عمرو بن العاص، والله أعلم»، ثم قال:«وقد انضم إلى حديثه هذا: … »، فأسند حديث أم سلمة، وحديث عائشة، وإن كان قد أعل حديث عائشة أيضاً، وسيأتي نقله في موضعه من حديث عائشة.
• وقال أبو عبيد في الأموال (١٢٩١): «إن هذا الحديث لا نعلمه يروى إلا من وجه واحد، بإسناد قد تكلم الناس فيه قديماً وحديثاً».
وكان مما علل به كلامه في رد الأئمة لهذا الحديث؛ أن قال:«ولو كانت الزكاة في الحلي فرضاً كفرض الرقة؛ ما اقتصر النبي ﷺ على أن يقول لامرأة يخصها به عند رؤيته»