قال له في إخراج زكاة تجارته من الأدم والجعاب:«قومه، وأد زكاته»، ولم يأخذ من أعيانها، كما في الإبل والبقر والغنم، فدل على أن الرواية هنا بالراء المهملة، لا بالزاي، ولم أر أحداً من المصنفين - ممن وصلت إلينا مصنفاتهم - ضبطها بالزاي قبل الدارقطني، وقد أخرج الحديث جمع من المصنفين ممن تقدم الدارقطني وكلهم رووه بالراء المهملة، مثل: أحمد، والترمذي في «العلل»، وابن شبة، وابن زنجويه، وابن أبي عاصم، والبزار، مما يدل على أن الأصل الذي اعتمده الدارقطني لدعلج قد وقع فيه الخلل والتصحيف، وعند المحاققة: ماذا نقدم عند الاختلاف أصل دعلج، أم أصل: أحمد، والترمذي، وابن شبة، وابن زنجويه، وابن أبي عاصم، والبزار؟! والله أعلم.
كما أني لم أجد أحداً من المصنفين قبل الدارقطني استعمل هذا الحديث في عروض التجارة، مع مسيس الحاجة إليه، لندرة الأحاديث المرفوعة في الباب، مما يدل على أنه كان مروياً بالراء المهملة، في صدقة البر والحبوب، وأن صدقتها تكون من جنسها، والله أعلم.
فإن قيل: فما المانع أن تكون البز بالزاي لا البر بالراء، اعتماداً على قول الدارقطني الذي قيده من أصل كتاب شيخه بالزاي وبتأويل من تأوله فقال:«ومعلوم أنه ليس في البز زكاة العين، فيكون الواجب زكاة التجارة»؟ فيقال: الأصل في هذا الحديث المجانسة، وهو ذكر الأجناس المعهود إخراج زكاتها من جنسها، والتي تكرر ذكرها في الأحاديث، في ذكر أجناس المال الذي تخرج الزكاة من جنسه، مثل: الإبل والغنم والبقر والتمر والبر والحب، ولم يرد ذكر البز بمعنى الثياب في أحاديث الزكاة إلا في هذا الحديث؛ فدل على أنه البر المعهود ذكره، كما أن البر داخل ضمن الحبوب الموسقة المذكورة في حديث أبي سعيد في نصاب الزكاة:«ليس فيما دون خمس ذود صدقة، وليس فيما دون خمس أواق صدقة، وليس فيما دون خمسة أوسق صدقة» [متفق عليه. تقدم برقم (١٥٥٨)]، وفي رواية لمسلم:«ليس في حَبِّ، ولا تمر صدقة حتى يبلغ خمسة أوسقٍ، ولا فيما دون خمس ذودِ صدقة، ولا فيما دون خمس أواقٍ صدقة»، وعليه فوروده هنا في هذا الحديث، من باب بيان أن الواجب إخراج الزكاة من جنس المال، فالبعير من الإبل، والشاة من الغنم، والبقرة من البقر والحب من الحب والتمر من التمر والزبيب من العنب، وهكذا، وعليه: فذكر البز دخيل عليها، وليس من جنسها، والله أعلم.
• قال الدارقطني:«موسى بن عبيدة الربذي: ضعيف» [الإتحاف (١٤/ ١٨١/ ١٧٥٩٦)].
وقال ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (٥/ ٥٥/ ٢٢٩٥): «فاعلم أن هذا الحديث لا يصح؛ لأنه لا يعرف إلا بموسى بن عبيدة - وهو ضعيف -، عن عمران بن أبي أنس.
فأما رواية ابن جريج، عن عمران بن أبي أنس: فلا تصح إلى ابن جريج»، فأعله بجهالة عبد الله بن معاوية، ثم تدارك نفسه، وقال بأنه وإن توبع؛ فإن علة الحديث عندئذ: