أخرجه أبو داود (١٥٩٩)، وابن ماجه (١٨١٤)، والحاكم (١/ ٣٨٨)(٢/ ٢٤٥/ ١٤٤٩ - ط الميمان)(٢/ ٣٩٧/ ١٤٤٧ - ط المنهاج القويم)(٢/ ٣٨٨/ ١٤٥١ - ط التأصيل)، وابن زنجويه في الأموال (١٥٩٨)، والدارقطني (٢/ ٤٨٦/ ١٩٢٩)، والبيهقي في السنن (٤/ ١١٢)، وفي المعرفة (٦/ ٨٠٨٥/ ٨٦ و ٨٠٨٦)، وفي الخلافيات (٤/ ٣٢٠/ ٣٢٢٣)، والجوزقاني في الأباطيل والمناكير (٢/ ٩٦ - ٩٧/ ٤٦١). [التحفة (٨/ ٩٩/ ١١٣٤٨)، والإتحاف (١٣/ ٢٧١/ ١٦٧٠٨)، والمسند المصنف (٢٤/ ٤٥٩/ ١١٠٠٧)] [وانظر: بيان الوهم والإيهام (٣/ ٥٤/ ٧١٤)].
قال الحاكم:«هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ إن صح سماع عطاء بن يسار عن معاذ بن جبل؛ فإني لا أتقنه».
وقال البيهقي:«رواته ثقات».
وقال الجوزقاني:«هذا حديث صحيح».
قلت: كيف يزعم الحاكم أنه على شرط الشيخين، ويغفل عن انقطاعه، وقد أرخ ابن حبان ولادة عطاء بن يسار سنة (١٩) [الثقات (٥/ ١٩٩)، والتهذيب (٣/ ١١٠)]؛ يعني: أنه ولد بعد سنة واحدة من موت معاذ بن جبل، وكان مات بالشام سنة (١٨)، ومثل هذا لا ينبغي أن يخفى على مثل الحاكم في سعة علمه واطلاعه، وقد قال الترمذي في «جامعه»(٢٥٣٠): «وعطاء: لم يدرك معاذ بن جبل، ومعاذ قديم الموت، مات في خلافة عمر»، وقال أبو بكر البزار:«لا نعلم لعطاء من معاذ سماعاً» [كشف الأستار (٢٦)]، وقال عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (٢/ ١٦٥): «عطاء بن يسار: لم يدرك معاذ بن جبل» [تحفة التحصيل (٢٣٠)]، كما أن الذهبي تعقب الحاكم في التلخيص بقوله:«لم يلقه».
وعليه: فإن حديث معاذ بن جبل: إسناده ضعيف؛ لأجل انقطاعه؛ فإن عطاء بن يسار: لم يدرك معاذ بن جبل، والله أعلم.
ووجه الاستدلال بحديث معاذ مع كون إسناده لا يصح، أن المراد من حديث أبي ذر: أن صدقة الإبل منها، وصدقة الغنم منها، وكذلك صدقة البر، تخرج براً، وزكاة الحبوب تكون من نفس الحبوب، ويؤكد هذا المعنى قول الخطابي في شرح حديث معاذ، حيث قال في المعالم (٢/٤٢): «فيه من الفقه أن الزكاة إنما تخرج من أعيان الأموال وأجناسها، ولا يجوز صرف الواجب منها إلى القيم»، ولو كان المذكور في حديث أبي ذر هو البز؛ يعني: الثياب، فمن المعلوم أن تاجر الثياب يقوم تجارته، ويخرج زكاتها دنانير ودراهم، لا يخرجها ثياباً؛ إلا في قول لبعض الفقهاء، والشاهد أن الأصل في إخراج زكاة عروض التجارة: أنها تقوم وتخرج زكاتها من الذهب والفضة، لا من نفس العين، لا سيما مع تعدد أنواع التجارات والبضائع، قال ابن قدامة في المغني (٣/ ٥٨): «ولا خلاف أنها لا تجب في عينه، وثبت أنها تجب في قيمته»، وكما سيأتي في أثر حماس عن عمر أنه