للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

• قلت: وفي الباب أحاديث أخرى ومراسيل أعرضت عنها.

• قال أبو عبيد في الأموال (١/ ٥٨): «وإنما تُوجَّه هذه الأحاديث على أن رسول الله إنما قال ذلك في بدء الإسلام، وقبل أن تنزل سورة براءة، ويؤمر فيها بقبول الجزية، في قوله: ﴿حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ [التوبة: ٢٩]، وإنما نزل هذا في آخر الإسلام، وفيه أحاديث».

وبهذا قال الشافعي؛ قال: «الحكم في المشركين حكمان: فمن كان منهم من أهل الأوثان، ومن عبد ما استحسن من غير أهل الكتاب من كانوا، فليس له أن يأخذ منهم الجزية، ويقاتلهم إذا قوي عليهم حتى يقتلهم أو يسلموا، وذلك لقوله : ﴿فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥]، ولقول رسول الله : «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله». ثم قال: «من كان من أهل الكتاب من المشركين المحاربين قوتلوا حتى يسلموا أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، فإذا أعطوها لم يكن للمسلمين قتلهم ولا إكراههم على غير دينهم، لقول الله جل ثناؤه: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ [التوبة: ٢٩]»، وقال: «فإن لم يعطوا قوتلوا وقتلوا وسبيت ذراريهم ونساؤهم وأموالهم وديارهم، … »، ثم قال: «حديث ابن بريدة في أهل الكتاب خاصة، كما كان حديث أبي هريرة في أهل الأوثان خاصة، قال: وليست واحدة من الاثنتين ناسخة للأخرى، ولا واحد من الحديثين ناسخاً للآخر، ولا مخالفاً له، … » [مختصر المزني (٨/ ٣٧٧)، والمعرفة (١٣/ ١٤٦)].

وقال ابن المنذر في الإشراف (٤/٨)، وفي الإقناع (٢/ ٤٤٨): «ثبت أن رسول الله قال: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فمن قال: لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله»، قولاً عاماً لم يخص منهم أحداً دون أحد، دخل في ذلك جميع الناس؛ أهل الكتاب، وسائر المشركين من العرب والعجم، الأحمر منهم والأبيض والأسود، أهل الأوثان وغيرهم، فدل قوله تعالى جل ثناؤه: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ الآية، على أن الله تعالى إنما أراد قتال أهل الشرك من أهل الأوثان وغيرهم، دون من أعطى الجزية من أهل الكتاب».

وقال الخطابي في معالم السنن (٢/ ٢): «هذا الحديث أصل كبير في الدين، وفيه أنواع من العلم، وأبواب من الفقه، وقد تعلق الروافض وغيرهم من أهل البدع بمواضع شبه منه، … »، إلى أن قال: «ومما يجب تقديمه في هذا: أن يعلم أن أهل الردة كانوا صنفين: صنف منهم ارتدوا عن الدين، ونابذوا الملة، وعادوا إلى الكفر، وهم الذين

<<  <  ج: ص:  >  >>