للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أحدهما: أن الرَّمَل هيئة، والهيئات لا تقضى في غير محلها، كما لو ترك رفع اليدين في الركوع لم يقضه في السجود.

والثاني: أن الرَّمَل وإن كان مسنوناً في الثلاث، فالمشي مسنون في الأربع؛ فإذا قضاه في الأربع ترك المشي المسنون فيها برمل مسنون في غيرها، فيكون تاركاً للسنتين معاً.

قال الشافعي: ولو ترك الرَّمَل، والاضطباع، والاستلام، فقد أساء، ولا شيء عليه، لأن كل هذه هيئات، والهيئات لا تجبر، ولأنه لو ترك طواف القدوم، لم يلزمه جبران، فإذا ترك هيأته، أولى أن لا يلزمه جبران».

وقال ابن حزم في المحلَّى (٥/ ٨٤): «لا خلاف فيما ذكرنا إلا في أشياء نبينها إن شاء الله ﷿، وهي: وجوب الخبب في الطواف، وجواز تنكيس الطواف بأن يلقى البيت على اليمين، ووجوب السعي بين الصفا والمروة».

وقال ابن عبد البر في التمهيد (٢/ ٧٨): «وأجمعوا أن ليس على النساء رمل في طوافهن بالبيت، ولا هرولة في سعيهن بين الصفا والمروة». [وانظر: الاستذكار (٤/ ١٩٢)].

وقال في الاستذكار (٤/ ١٩٤): «وجمهور العلماء على أن الرمل من الحجر إلى الحجر، على ما في حديث جابر في الأشواط الثلاثة، … . على هذا جماعة العلماء بالحجاز والعراق من أئمة الفتوى وأتباعهم، وهم الحجة على من شذ عنهم، وقد مضى حديث جابر بما يغني عن الدلائل والتأويل»، إلى أن قال: «وأجمعوا أنه ليس على النساء رمل في طوافهن بالبيت، ولا هرولة في سعيهن بين الصفا والمروة. وكذلك أجمعوا على أن لا رمل على من أحرم بالحج من مكة من غير أهلها، وهم المتمتعون، لأنهم قد رملوا في حين دخولهم حين طافوا للقدوم».

وقال ابن قدامة في المغني (٥/ ٢١٧): «مسألة: قال: ورمل ثلاثة أشواط، ومشى أربعة، كل ذلك من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود. معنى الرمل: إسراع المشي مع مقاربة الخطو من غير وثب، وهو سنة في الأشواط الثلاثة الأول من طواف القدوم، ولا نعلم فيه بين أهل العلم خلافاً، وقد ثبت أن النبي رمل ثلاثاً، ومشى أربعاً. رواه جابر، وابن عباس، وابن عمر، وأحاديثهم متفق عليها. فإن قيل: إنما رمل النبي وأصحابه لإظهار الجلد للمشركين، ولم يبق ذلك المعنى، إذ قد نفى الله المشركين، فلم قلتم: إن الحكم يبقى بعد زوال علته؟ قلنا: قد رمل النبي وأصحابه، واضطبع في حجة الوداع بعد الفتح، فثبت أنها سنة ثابتة، … »، ثم أورد حديث ابن عباس في قصة عمرة القضية، وعارضه بحديث ابن عمر وجابر في حجة الوداع، ثم قال: «وهذا يقدم على حديث ابن عباس؛ لوجوه، منها: أن هذا إثبات، ومنها: أن رواية ابن عباس إخبار عن عمرة القضية، وهذا إخبار عن فعل في حجة الوداع، فيكون متأخراً، فيجب العمل به وتقديمه، الثالث: أن ابن عباس كان في تلك الحال صغيراً، لا يضبط مثل جابر وابن عمر، فإنهما كانا رجلين، يتتبعان أفعال النبي ، ويحرصان على حفظها، فهما أعلم، … ».

<<  <  ج: ص:  >  >>