قلت: هذا حديث منكر؛ تفرد به عن الحكم بن عتيبة: العلاء بن المسيب، وهو: ثقة، ولم يروه عنه سوى قيس بن الربيع، وهو: ليس بالقوي، ضعفه غير واحد، وابتلي بابن له كان يُدخل عليه ما ليس من حديثه فيحدث به [التهذيب (٣/ ٤٤٧). الميزان (٣/ ٣٩٣)] ولعل هذا مما أُدخل عليه:
• فقد ثبت عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله، أن ابن عمر ﵄، قال: تمتع رسول الله ﷺ في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج، … فذكر الحديث بطوله، وفيه: فطاف حين قدم مكة، واستلم الركن أوَّلَ شيء، ثم خبَّ ثلاثة أطواف ومشى أربعاً، … الحديث. [تقدم ذكره آنفاً].
• وثبت عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن عبد الله بن عمر ﵄؛ أن رسول الله ﷺ كان إذا طاف في الحج أو العمرة أول ما يقدم، سعى ثلاثة أطواف، ومشى أربعة، ثم سجد سجدتين، ثم يطوف بين الصفا والمروة. [تقدم ذكره].
قال ابن عبد البر في التمهيد (٢/ ٧٥): «فإن احتج بعض من لا يرى الرمل سنة من سنن الحج بما رواه: العلاء بن المسيب، عن الحكم، عن مجاهد، عن ابن عمر، أن رسول الله ﷺ رمل في العمرة ومشى في الحج. قيل له: هذا حديث لا يثبت، لأنه رواه الحفاظ موقوفاً على ابن عمر، ولو كان مرفوعاً كان قد عارضه ما هو أثبت منه؛ وهو ما ذكرنا من حديث عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي ﷺ».
وقال في الاستذكار (٤/ ١٩٤): «وروى الشافعي، قال: حدثني أنس بن عياض، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، عن رسول الله ﷺ، أنه رمل ثلاثة أشواط ومشى أربعة. يعني: في حجته. قال أبو عمر: هذا خير من حديث العلاء بن المسيب عن الحكم عن مجاهد عن ابن عمر، أن رسول الله ﷺ رمل في العمرة ومشى في الحج، وأصح وأثبت إن شاء الله».
وقال ابن عبد البر في التمهيد (٢/ ٧٦): «ففي هذا الحديث عن ابن عمر؛ أنه كان يرمل في الحجة إذا كان إحرامه بها من غير مكة، وكان لا يرمل في حجته إذا أحرم بها من مكة، وهذا إجماع: من أحرم بالحج من مكة لا رمل عليه إن طاف بالبيت قبل خروجه إلى منى.
وعلى هذا يصح حديث مجاهد إن كان موقوفاً، وكانت حجة ابن عمر فيه مكية، وأما مرفوعاً فلا يصح، لدفع الآثار الصحاح له في أن رسول الله ﷺ رمل في حجته، ولم تكن له حجة غيرها ﷺ».
لم ومن الشواهد حديث جابر بن عبد الله:
• يرويه: حاتم بن إسماعيل المدني، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، ويزيد بن عبد الله بن الهاد، ووهيب بن خالد، وإسماعيل بن جعفر، وغيرهم: